Saturday, November 13, 2010

القديس الرسول فيليبس
14 تشرين الثاني
كان القديس الرسول فيليبس احد اكثر الرسل الاثني عشر ، شجاعة وبسالة ، وقد بذل كل غال ورخيص من اجل ايمانه الذي لا ينهزم بانجيل ربنا يسوع المسيح .
لم يتوان يوما عن محبته لابن الله . وفي النهاية سار الى حتفه ، الى اعدام وحشي لفظ فيه انفاسه الاخيرة بعد ان صلب رأسا على عقب وهو يصلي ، بينما قلبه كان عارما بنصر مفعم بالبهجة .
واسوة ببطرس واندراوس ، كان فيليبس من مواليد بلدة فلسطينية هي بيت حسدا الواقعة على شاطىء بحر الجليل . وبينما كان بطرس واندراوس صيادين بسيطين امضيا حياتهما في الصيد واصلاح الشباك ، كان فيليبس ثريا كان له حظ من العلوم بفضل والديه ، الامر الذي يعني ان فيليبس كان متعمقا في قراءة النبؤات القديمة عن الفادي القدوس الذي سوف يأتي يوما كي يخلص العالم من الخطيئة .
وعندما ظهر ذلك الفادي في شخص نجار بسيط من بيت لحم ، ادرك فيليبس للتو انه النبي الذي سبق الانباء عنه بفرح في الكتب القديمة . اهتدى فيليبس الى الايمان ، وبعد ذلك الحدث لم يعد يلتفت الى الوراء . وفرح فرحا عظيما لهذا الاكتشاف ، فانطلق كي يخبر
احد رفقائه ، نثنائيل عن المجيء العجائبي الذي اتمه المخلص بقدومه الى الارض : " فوجد فيليبس نثنائيل فقال له : لقد وجدنا من تكلم عنه موسى والانبياء ، يسوع الناصري ابن يوسف " ( يوحنا 1 : 45 ) .

انه صديق وفي ليسوع ، ورسول غيور ،قديس من فلسطين ، راسخ لا يلين ، ويظهر على الدوام في اوصاف العهد الجديد عن يسوع والرسل الاثني عشر .

وفي احدى المناسبات المعروفة على سبيل المثال ،فان فيليبس هو الذي يسأل يسوع سؤالا هاما عن العلاقة بين الاب والابن في الثالوث الاقدس ، وراح يضرع الى يسوع ان يظهر الاب للرسل المجتمعين . اما جواب يسوع ، فكان " من رآني فقد رأى الاب . "

وفيما بعد ، وبعد انحدار الالسنة النارية التي للروح القدس ، على الرسل ، في العنصرة ، كرز فيليبس بالبشرى السارة المسيحية ، الى غير المؤمنين في انحاء شتى من اسيا واليونان . وفي اسفاره المحفوفة بالاخطار، واجه الموت مرارا بدون شكوى او تأفف ، وقد حفظته نعمة القدير ، فكان يفلت من موت محتم ، الى ان اتت ساعته الاخيرة كما انبأ عن ذلك احد الشهداء الالهيين القديسين .

واحدى اعظم انتصارات فيلبس على اعداء النور ، كان في اليونان ، في السنوات الاولى للبشارة . بعد ان احتدم احد الكهنة اليهود غيظا من جراء ذيوع صيت فيليبس ، واجتراحه عجائب كثيرة ، قام وهاجم فيليبس بآلة ضخمة وفي نيته ان يسحق جمجمته وينهي حياته . الا ان الرب المحب كانت له خطة اخرى . فما ان هم الكاهن اليهودي بالقاء الته على فيليبس حتى صرخ ويداه على عينيه وهو يقول : انا اعمى ، انا اعمى . وصار اسود اللون ، وراح يصرخ وهو يترنح ، الى ان انفتحت الارض تحت قدميه ، لتنغلق على عجل . ففزع الحاضرون ، وفغروا افواههم وهم لا يصدقون ما يشاهدون ، فكاهنهم العظيم قد ابتلعته الارض .

كان ذلك اعجوبة ملفتة طبعا ، ولكن كان ذلك مجرد البداية . وفي السنوات التي تلت ، وبينما كان فيليبس ينقل بشرى الخلاص الى كل حدب وصوب ، كان يذوق تدخلات الهية من السماء . ولما كان يتنقل في ارجاء العالم القديم من الشرق الاوسط ، كان يشفي المرضى بالصلاة ، ويعيد الموتى الى الحياة .

واحدى اغرب عجائبه جرت بينما كان الرسول متجها الى اشدود حيث سيشفي مرضى كثيرين . وعند منتصف الليل ضربت السفينة عاصفة هوجاء ، وهلع البحارة لدى رؤيتهم موتهم الوشيك غرقا . فقام فيليبس استجابة منه الى مخاوفهم وصلى لبعض الوقت ، ثم مد يده باتجاه العاصفة فظهر صليب عظيم من نار في السماء . بعده انكفأت العاصفة وهدأت وتابعت السفينة تقدمها بأمان الى المرفا . اما البحارة فذهلوا للتدخل الالهي الذي انقذهم .

اما اعظم عجائب الرسول فهي التي جرت قبيل رقاده . حدث في مدينة هيارابوليس الفريجية حيث كان فيليبس قد امضى بضعة سنوات يكرز ويشفي المرضى مع اخته مريامنا ، ويوحنا اللاهوتي والقديس الرسول برثولماوس .

وكما شاءت العناية الالهية ، فان سكان هذه البلدة الوثنية كانوا يقدمون العبادة لأفعى ضخمة كانوا قد جعلوها داخل هيكل من ذهب ، من اجل هذا الغرض . كان سمها قاتلا ، وكانوا يخشونها جدا ، ويقومون باطعامها كل يوم .

الا ان الرسول القديس ، وصديق المسيح لم يهلع من رؤيتها ، بل دنا منها وراح يصلي بصوت عال داعيا الله ان يسحق هذه الهيئة المهينة امام عينيه . فانتصبت الافعى فوق الرسول والتفت على نفسها في الهواء بينما راح السم ينبعث من انيابها . وحدث ان كلمات الرسول اتخذت هيئة رمح براق انطلق ليستقر في رقبة الافعى .

فهلع الحاضرون المتعبدون واطلقوا صرخة غضب . لكن سرعان ما هدأوا عندما سمعوا كاهن الهيكل يعلن ان الرسول فيليبس اقترف جريمة شنعاء ، وانه مع رفيقيه يوحنا وبرثلماوس يجب ان يموتا لما اقترفته ايديهم .

انقض الوثنيون الغاضبون على هذين المسيحيين واقتادوهما الى مجموعة من اشجار كانت معدة لأسوأ المجرمين . وما هي الا لحظات حتى قاموا بتسميرهما رأسا على عقب الى احدى الاشجار الضخمة كي يلفظا انفاسهما الاخيرة .

الا ان هذا الفصل في رواية فيليبس المذهلة ، لم ينته بعد . تصوروا الهلع والفزع اللذين اعقبا موت الثعبان ، وهو ما اختبره الكاهن الوثني والحشود الغاضبة المتعطشة للدماء ، فقد اهتزت الارض وانفلقت لتبتلع الفاسدين وجماعتهم الذين حكموا على القديسين بالموت .

وبسرعة فائقة ، ادرك سكان البلدة التائبون ان هذين المبشرين كانا يمثلان المخلص القدوس . فقاموا على عجل وحرروا المعلقين المضرجين بدمائهم على الشجرة . لقد نجا برثلماوس الرسول ، اما الرسول فيليبس فقضى لأنه كان قد فارق الحياة قبل دقائق من حدوث الهزة الارضية .

هذا كان سنة 86 م في ايام الامبراطور الروماني دوميتيانوس . وبحسب شهادة بوليكراتس ، اسقف روما ، فقد سجّي فيلبس في مدينة الفريجيين حيث قتل الثعبان الضخم . وقد دفن في هيارابوليس الفريجية مع اثنتين من بناته عاشا الى شيخوخة متقدمة في البتولية . اما ابنته الثالثة فبعد ان عاشت في الروح القدس ، رقدت ، ودفنت في افسس .

ان سيرة القديس فيليبس دعاة للعجب حقا ، فهو كان وفيا للانجيل ، وصديقا صدوقا لابن الله يسوع المسيح . ونحن اذ نتأمل سيرته العجيبة يعترينا الذهول اذ نرى كيف ان محبة الله تلامس كل واحد منا الى الابد .



طروبارية باللحن الثالث :

"ايها الرسول القديس فيليبس ، تشفع الى الاله الرحيم ان ينعم بغفران الزلات لنفوسنا . "

قنداق : باللحن الثامن :

"ايها الجزيل الرحمة ، ان فيليبس اللاهج بالله ، تلميذك وصفيك ومماثلك في الالام ، قد كرز بك في المسكونة انك اله ، فبتوسلاته لأجل والدة الاله ، احفظ كنيستك من الاعداء الملحدين . "