Tuesday, January 31, 2012


دخول ربّنا يسوع المسيح إلى الهيكل



في اليوم الثاني من شباط، نعيّد لتذكار دخول ربّنا يسوع المسيح إلى الهيكل، محمولاً على ذراعي سمعان الصدّيق. وفي هذا اليوم تختتم الكنيسة المقدّسة التذكارات الإلهيّة التي تدور حول عيد الميلاد. إنّ مريم في هذا اليوم الأربعين لولادة ابنها البكر، حملته إلى هيكل أورشليم بحسب شريعة موسى، لتقدّمه للربّ وتعود فتفتديه بزوجي يمام ولكي تتمّ هي شريعة تطهير الأمهات. 
يدعى هذا العيد في اليونانيّة عيد اللقاء إذ به تتمّ عدة لقاءات أوّلها لقاء سمعان الشيخ مع الطفل الإلهيّ حسب وعد الروح لسمعان. وهو أيضًا لقاء الأجيال: الطفل مع سمعان الشيخ وحنّة النبيّة ويوسف ومريم، وهو لقاء العهدين القديم والجديد، وهو لقاء الشريعة والنعمة. وقبل كلّ شيء هو لقاء الله بالإنسان، لقاء البشريّة بخالقها وإلهها. 
فاللطفل المُقدّم إلى الهيكل المجد والعزّة إلى الدهور. أمين

الاحتفال بالعيد كان معروفاً في أورشليم منذ القرن الرابع الميلادي. أما ناشِرُهُ في كل العالم البيزنطي فكان الإمبراطور يوستنيانوس الأول حوالي العام 542م. في ذلك الحين على ما ورد، تفشَّى الطاعون في القسطنطينية والجوار وأخذ يحصد،
كل يوم ما معدله خمسة آلاف ضحيَّة. كما ضرب زلزال رهيب مدينة أنطاكية. وإذا بدا أنَّه لا حول ولا قوَّة للعباد إلا بالله نادى الإمبراطور والبطريرك القسطنطيني بالصوم والصلاة في كل الإمبراطورية. فلما كان الثاني من شباط خرجت مسيرات في المدن والقرى تسأل عفو الله ورضاه، فانلجم الطاعون واستكانت الأرض. فشاع العيد على الأثر، وجرى تبنّيه في كل أرجاء الإمبراطورية. وكان ليوستنيانوس قيصر الفضل الأكبر في تعميمه.

عناصر تشكُّل العيد:
1- تطهير مريم لوضعها مولوداً ذكراً.
2- تقديم المولود الجديد للرَّب.
3- لقاء سمعان وحنَّة النبيين.

1- تطهير مريم لوضعها مولوداً ذكراً:
تطهير مريم هو واجبٌ اقتضتهُ الشريعةُ اليهودية، كون أن مريم هي يهوديَّة الديانة. والكلام على طهر المرأة إثر الوضع ورَدَ في سفر اللاويين (2:12- 8)، "أيَّة امرأة حبلت فولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام، كأيام طمثها تكون أيام نجاستها، وفي اليوم الثامن تختن قلفة المولود، وثلاثة وثلاثين يوماً تظلّ في تطهير دمها لا تمسُّ شيئاً من الأقداس ولا تدخل المقدس حتَّى تتم أيامُ طُهرها....". وتأتي المرأة عند اكتمال أيامها إلى باب خيمة الموعد، إلى الكاهن بحَمَلٍ حولي في سنته الأولى، وكذا بفرخ حمام أو يمام. أما الحَمَلُ فللمِحرقة وأما فرخ الحمام أو اليمام فلذبيحة الخطيئة. "فيقربهما الكاهن أمام الرب ويكفرّ عن المرأة فتطهر من سيلان دمها". فإذا حدث أن كانت المرأة فقيرة ولم يكن في يدها ثمن الحمل، "فلتأخذ زَوجي يمام أو فرخي حمام، أحدهما محرقة والآخر ذبيحة خطيئة، فيكفرّ عنها الكاهن فتطهُر".

2- تقديم المولود الجديد للرَّب:
تقديم الوالدين بكرهما من الذكور للرَّب كان واجباً شرعياً."كُلُّ فاتحِ رحمٍ من كل جسد، من البشر. البهائم، يقدِّمونهُ للرَّب..." (العدد18: 15).

3- لقاء سمعان وحنَّة النبيين:
عند الحديث عن سمعان وحنَّة، لا بدَّ لنا إلاَّ أن نَصِفَهُم بنبيَّين, وذلك لأنهما تنبأ كلاماً نبويَّاً فذَّاً، وكانا شاهدين للرَّب يسوع بالرُّوح. بالرُّغم من أن موهبة النبوءة كفَّت في إسرائيل منذ زمن أنبياء العهد القديم وأنها لا تعود إلاَّ متى حلَّ زمن مجيء المسيح. والآن وقد أضحى المسيح فيما بيننا بشخص الرَّب يسوع المسيح، فنبوءة سمعان وحنَّة تبدو شهادة لهُ أنهُ هو المنتظر.
سمعان وحنَّة عيِّنة من تلك الفئة المدعوة "المنتظرين فداءً في أورشليم". الذين يعبدون بأصوام وطلبات ولا يفارقون الهيكل.

هكذا بهذه العناصر الثلاثة تكتمل صورة عيد دخول السيد إلى الهيكل، بكل معانيها التي تُظهر أن هذا الطفل المولود هو ابن الله المنتظر الذي سيُقدَّم فديةً وذبيحةً عن البشر للرَّب الإله وبه سيشرق النور لكلّ الجنس البشري. كذلك به تكتمل الشريعة 

القديمة, وتسمو بحلَّة جديدة تظهر كاملةً في الرَّب يسوع المتجسّد


عيد دخول السيد إلى الهيكل - الشبكة المسيحية