Friday, February 3, 2012

أيها الرب وسيد حياتي اعتقني من روح البطالة والفضول، وحب الرئاسة والكلام البطال
وانعم علي انا عبدك الخاطئ بروح العفة واتضاع الفكر والصبر والمحبة
نعم يا ملكي والهي هب لي ان أعرف ذنوبي وعيوبي والا أدين اخوتي
فانك مبارك الى الأبد آمين
"
هذه الصلاة للقديس فرام السرياني تستحق بامتياز ان تسمّى "صلاة الصوم" تُقرأ في نهاية كل صلاة صيامية من الاثنين حتى الجمعة، وتحتل مركزا مهما في الخدم لأنها تعدد بطريقة فريدة جميع مقومات التوبة السلبية منها والإيجابية، ولأنها بمثابة "محك" لجهدنا الشخصي في الصيام.
المرض الأساسي الذي يعيق التوبة هو البطالة وهي ذلك الكسل الغريب، تلك السلبية التي تقنعنا دائما ان لا تغيير ممكن انها بالواقع سخرية عميقة تجيب امام كل تحدّ روحي "ولماذا التعب؟" وتجعل من حياتنا جهدا ضائعا. انها أصل الخطايا كلها لأنها تسمم الطاقة الروحية في منبعها الأصيل.
الخطأ الثاني هو اليأس والقنوط وقد ترجمت الكلمة اليونانية بالفضول لأن اليأس يبعث الى التشتت والفضول من نتائج التشتت اعتبر الآباء هذه الحالة اعظم خطر للروح اذ يستحيل على الانسان ان يرى اي شيء جيدا او ايجابيا بل يجعل كل شيء سلبيا ومبعثا للتشاؤم اليأس انتحار النفس يجعل الانسان عاجزا ان يرى النور ويرغب فيه.
قد يبدو غريبا ان البطالة واليأس يملآن حياتنا بحب الرئاسة يجعلان الحياة فارغة،
فنعوض عن الفراغ بأخذ موقف خاطئ تجاه الآخرين ان لم يستقطب الله حياتي تصبح انانية لا محالة ان لم يكن الرب سيدا لحياتي، اصبح انا ربا وسيدا لنفسي، المركز المطلق لعالمي انا، افكاري، رغباتي، آرائي حب الرئاسة انحراف اساسي في علاقتي بالآخرين، السعي لإخضاعهم لي قد لا يظهر هذا دائما بالسيطرة، من الممكن ان يظهر في اللامبالاة وعدم احترام الآخرين والازدراء بهم.
من بين كل المخلوقات الانسان وحده أُعطي موهبة النطق ويرى كل الآباء فيها ختم الصورة الالهية في الانسان لأن الله نفسه قد استُعلن "كلمة" (يوحنا 1: 1) الموهبة العظمى هي ذاتها الخطر الأعظم الكلمة تخلّص وتقتل، توحي وتسمم انها اداة الحقيقة واداة الكذب، تخلق فعلا سلبا او ايجابا. عندما تنحرف عن اصلها الالهي وعن غايتها تصبح باطلة.
هذه الامور الاربعة هي الحواجز التي تحول دون التوبة نحن نسعى لإزالتها ولكن الله وحده قادر ان يزيلها، لذلك نصرخ نحوه من اعماق اليأس: ايها الرب وسيد حياتي.
بعدها تنتقل الصلاة الى غايات التوبة وهي ايضا اربع اولا العفة ولا يقتصر معناها على الجنس العفة نقيض البطالة المعنى الدقيق الحقيقي للكلمة اليونانية هو السلامة الكلية للكيان البطالة تبديد طاقاتنا، عجزنا عن رؤية الكلي والشامل كلية الكيان اذاً نقيضها بالضبط في الفسق او الافراط الجنسي لا يرى الانسان الا الشهوة ويتغرب الجسد عن الروح المسيح يعيد الكلية فينا اذ يعيد الينا السُلم الحقيقي للقيم بإرجاعنا الى الله.
اتضاع الفكر، التواضع ثمر تكامل الكيان انه قبل كل شيء انتصار الحقيقة فينا ومحو كل كذب الله يعطي نعمته للمتواضع ويقاوم المتكبر كيف يصير الانسان متواضعا؟ الجواب بسيط للغاية: بتأمل التواضع الالهي في المسيح المتجسد الذي كشف الله فيه مرة والى الأبد مجده تواضعا وتواضعه مجدا. نتعلم التواضع بتأملنا المسيح الذي قال "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب" نتعلم منه عندما نقيس كل شيء به ونرد كل شيء اليه.
العفة والتواضع يتبعهما الصبر تلقائيا. من لا يتحلى بالصبر يسرع بالحكم على الآخرين، يقيس كل شيء حسب مزاجه، لا يبالي الا بنفسه يريد حياته ناجحة بسرعة الصبر بالفعل فضيلة الهية الله صبور ليس لأنه متسامح، بل لأنه يرى اعماق ما هو موجود، لان حقائق الامور مكشوفة لديه بينما نحن بسبب عمانا لا نراها. بقدر اقترابنا من الله واحترامنا كل المخلوقات نصبح صابرين .
وبالنهاية المحبة هي ثمار كل جهاد روحي وقمة الفضائل المسيحية ديانة المحبة الوصية الجديدة هي "احبوا بعضكم بعضا" واضاف السيد "وبهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي" الخطيئة انفصال وانعزال لأنها غياب المحبة ليست المحبة مجرد اهتمام انساني عام، بل محبة شخصية وملموسة لأشخاص حقيقيين يضعهم الله في طريقي المحبة المسيحية هي ان نرى المسيح في الانسان الآخر ان نحبه كما هو محبة شخصية تتجاوز ما هو خارجي الى الاشتراك معه في الحب الالهي. والله وحده قادر ان يمنح المحبة التي هي غاية كل تهيئة وممارسة روحية.
كل هذا تجمعه وتلخصه الطلبة الختامية التي نطلب فيها من الله "هب لي ان اعرف ذنوبي وعيوبي والا ادين اخوتي" الخطر الوحيد بالنهاية هو الكبرياء لا يكفيني ان ارى عيوبي لان هذه الفضيلة نفسها قد تتحول الى كبرياء والكتابات الروحية ملأى بالتحذيرات من الاشكال الدقيقة للتقوى المشوهة التي تقود الى تكبّر حقيقي تحت ستار التواضع واتهام الذات ولكن عندما نرى عيوبنا ولا ندين اخوتنا او بكلمة اخرى عندما تكون العفة والتواضع والصبر والمحبة واحدا فينا، ساعتها فقط يمكننا ان نحطم الكبرياء.
عن كتاب "الصوم الكبير"
للأب الكسندر شميمن
نقلاً عن