Friday, December 17, 2010

الاحد الذي قبل ميلاد المسيح
 احد الاباء القديسين
24 كانون الاول
هذا الاحد يعرف بأحد " الاباء القديسين " ، الاحد الذي يسبق ميلاد المسيح . فيه نعيد لجميع الاباء منذ ادم الى يوسف خطيب مريم المباركة حافظها وحاميها ، الاباء الذين على مر الاجيال استجابوا بأمانة لنداء الله القدير من اجل الخدمة . لم يضعف ايمانهم ، لهذا فقد كرّموا واصبحوا قادة روحيين . ونموذجهم ساعد المسيحيين عبر العصور على تمجيد الرب وطاعته .
اول اب للبشرية هو ادم الذي خلق من تراب الارض في جنة عدن كما هو مبين في سفر التكوين . وادم كان بدون خطيئة . الا ان الخطيئة دخلت الى العالم من خلاله ، ومن خلال زوجته حواء ، فكلاهما تمردا على الله بتحريض من الافعى . ولأنهما تمردا على الله ، طردا من الفردوس وارسلا كي يطوفا الارض في خوف والم موت تسببتبها معصيتهما .
ورغم ان الامر رهيب ، الا ان خطيئة ادم حققت امرا ذاقيمة غير محدودة :لقد الهمت الناس الى التضرع الى الله كي يرسل فاديا قدوسا يلغي خطيئة الجدين بالامه وموته على الصليب . ولئن كانت البشرية قد سقطت في الخطيئة والموت ، بخطيئة انسان ، الا ان انسانا اعظم سوف يولد في يوم من الايام كي يرفع البشرية من جديد !
اما وعد الله بالخلاص الاخير للبشرية الخاطئة ، فقد سبق الانباء عنه وتأكيده في الوعد الذي قطعه مع ابراهيم قبل عشرين قرنا من مجيء المخلص . وقد توصل ابراهيم الامين الى هذا الاتفاق المهم مع الله بعد سلسلة من التبدلات الملهمة ، والتي في احداها استضاف ابراهيم ثلاثة ملائكة
تنكروا في هيئة بشر واتوا الى خيمته في يوم صيفي حار . وبينما كان ابراهيم يقوم بالخدمة كأب للبشرية في تلك الساعة ، كان يتكلم باسم كل انسان عندما كان يقدم لرسل الرب بعض الطعام: "فيقدم لكم قليل ماء فتغسلون ارجلكم وتتكئون تحت الشجرة ، واقدم كسرة خبز فتسندون بها قلوبكم ثم تمضون بعد ذلك . فانكم لذلك جزتم بعبدكم . قالوا: اصنع كما قلت " ( تك 18 : 4 – 5 ) .
ان ضيافة ابراهيم للملائكة والتي اصبحت فيما بعد موضوعا جميلا للايقونات المسيحية ، تشير الى العلاقة التي سوف تستمر وتنمو بين الانسان والله . واذ ادركت الكنيسة اهمية العهد بينهما ، فهي تقيم ذكرى الاب ابراهيم في "احد الاباء القديسون " .
ابراهيم كان اول انسان تقبل وعود الرب بعلاقة خلاصية بينه وبين البشرية . عاش ابراهيم وجاهد مع الله قبل عشرين قرنا من ولادة المخلص يسوع المسيح . ودوره الخاص والمميز في تاريخ الانسانية ، بدأ ، عندما اوصاه الله ان ينتقل من المدينة العظمى " اور " في ما بين النهرين ، الى مملكة جديدة تقع في فلسطين . وعندما وصل ابو الاباء " ارض الميعاد " كان يقطنها الكنعانيون . وقد ختم القدير العهد فأعلن وقال : " لنسلك اعطي هذه الارض " ( تك12 : 7 ) .

مع هذه الحادثة انطلقت المرحلة الى ولادة الفادي القدوس يسوع المسيح الذي سيخلص البشرية من الخطيئة والموت .

وفي الاحد التالاي ، وبعد الحادي عشر من كانون الاول ، فان الكنيسة الارثوذكسية المقدسة تعيد لتذكار اجداد يسوع المسيح بالجسد والدم . وبين هؤلاء الاجداد ليس هناك من يسمو على ابراهيم في القداسة ، لأن امانة الله سوف تلهم اجيالا من المسيحيين

واسوة بابراهيم الوفي والمؤمن الذي كان يوشك ان يضحي بابنه اذا طالبه الرب بذلك ، اكتشف المسيحيون المرة بعد الاخرى ، وعبر الاجيال ، كيف ان الله يكرم بسخاء اولئك الذينيرفضون ان يهملوا الايمان بالعناية الالهية .

وفي حالة ابراهيم ، فالسخاء اللامحدود انتهى بمعجزة مذهلة : انها الحبل ، ومن ثم الولادة ، ولادة ابن مبارك هو اسحاق لزوجين طاعنين في السن ، فابراهيم كان ابن مئة سنة ، وكانت زوجته سارة في التسعين . وعندما جاء اسحاق امتلأ قلبهما بالفرح .

مايزال ابراهيم مكرما الى اليوم على انه الاب المؤسس في التقاليد المسيحية ، اليهودية والاسلامية على السواء . وابراهيم وتعني " الاب الرفيع " ،هو ابن تارح وهو من سكان ما بين النهرين ( جزء من تركيا الحديثة اليوم . ولئن ترعرع في عالم زراعي في قرى كان فيها المزارعون مشدودين الى الارض ، الا ان ابراهيم اطاع نداء القدير عندما طالبه ان يذهب الى الارض التي يريه .

وتلك الارض كانت حبرون ، وهي اليوم جزء من فلسطين ، وفيها ، فان ابراهيم واتباعه بنوا اول مذبح لأله الاسرائيليين القدير . وما اعقب ذلك الحدث هو سلسلة من الصراعات الرهيبة ، اذ انه بعد ان غادر ابراهيم ، وسار ، حلّت في تلك الارض مجاعة قاتلة ، بينما كان ابراهيم وزوجته سجينين عند فرعون مصر الذي اوشك لبعض الوقت ان يرغم سارة زوجة ابراهيم ، الجميلة على الخدمة لديه . ولكن عندما استجاب القدير بارسال ضربات عظيمة على فرعون ، سمح لابراهيم وسارة ان يتركا عالم المصريين لمتابعة حياتهما في فلسطين .

وبعد اقتبال عهد الختانة من اله الاسرائيليين ، اعطي الوعد لابراهيم بأنه سيكون ابا لأمم كثيرة .

بيد ان ابراهيم تساءل : وكيف يكون هذا ، اذا كانت الصعوبة تكمن في ان سارة عاقر منذ سنين ؟ وكان الجواب بسيطا كما انتهت الامور : واذا حفظ ابراهيم العهد الجديد ، فسوف يعطى الامرين : 1 – ابنا 2 – وايضا الارض التي ارادها هو واتباعه ، كي تستمر حياتهم .

لقد ذهل ابراهيم وسارة بأعجوبة ميلاد اسحاق ، الا ان جهاداتهما لم تنته بعد . اذ بعد سنوات ، امر الله ابراهيم ان يقدم اسحاق ابنه ذبيحة على جبل موريا . غمره الحزن الشديد ،الا انه استعد للطاعة كي يمتنع عن قتل ابنه بسكين ، بفعل تدخل الملاك . وبدل ان يقتل ولده ، سمح له ان يقدم كبشا كان عند شجيرة مجاورة . ومن جديد فان اب الانسانية كوفىء على امانته بأن وعده الله ان نسله سيكون كثير العدد ن وانهم سوف يسكنون سهول فلسطين في المستقبل .

ومات ابراهيم ليس بعد نجاة اسحاق بكثير ، فدفن مع زوجته المحبوبة سارة في معارة مكيافيلي قرب حبرون .

ولأن الكتاب يصفه على انه اب لأسحاق واسماعيل ، لذا فهو يعد ابا للشعبين العراني والعربي . ومع كونه عاش قبل المسيح بعشرين قرنا ، فقد اعتبره القديس بولس تجسيدا عجيبا للخلاص بالايمان ، فضلا عن كونه اصل الذرية التاريخية التي منها اتى يسوع المسيح .

كان ابراهيم رجل ايمان وعمل . عندما اطلعه الله على ما يجب ان يعمله ، لم يقل : حسنا ، لست متأكدا من هذا يا الله ، انما لم اكن هناك ، كما ولم افعل هذا : وبدل ذلك ، بادر الى العمل توا . لقد تقدم بايمان وطاعة كي يقوم بما يطلبه الله منه