Friday, September 3, 2010

*القديس موسى النبي معاين الله*
تعيد له كنيستنا الأرثوذكسية في الرابع من شهر أيلول
من قبيلة لاوي. ولد في مصر أيام كان العبرانيون في خدمة فرعون . عندما ولد , كان هناك أمر فرعوني قد صدر بأنه لا يجوز لأولاد العبرانيين الذكور ان يعيشوا. ألقته أمه في سل في نهر النيل, فرأته ابنة فرعون وتبنته. اسم موس معناه " المنقذ من الماء".
نشأ موسى بين المصريين وأتقن حكمتهم. ولما بلغ الاربعين قتل مصريا كان يتعارك وعبراني, اضطر الى الفرار. لجأ الى بلاد مدين حيث تزوج سيفورا ابنة يثرو, كاهن مدين, فأنجبت له ابنا سماه جرشوم الذي معناه " أنا غريب في أرض غريبة". في مدين عاش موسى راعيا لأغنام عمه. هناك بين الجبال والبرية, في كنف الوحدة والسكون, أعد الله عبده موسى لعمل عظيم, ليكون راعيا لشعبه اسرائيل.
وحدث يوما انه ساق قطيعه الى جبل سيناء الذي هو حوريب , فظهر له الله وعاينه
موسى, على قدر ما يمكن الانسان أن يعاين الله. رأى موسى, بأم العين, عليقة ملنهبة بنور أشد ضياء من نور الشمس ولم تحرق. فكان ذلك بمثابة رسم للسر الكبير الذي تم بمجيء المخلص في الجسد من مريم البتول.
قضى موسى في مدين أربعين سنة, ثم عاد الى مصر بناء لأمر الله. عاد ليخلص الشعب العبراني من عبودية فرعون. واذ بدت المهمة صعبة عليه وحده, وهو الذي لا يملك موهبة الكلام, أعطاه الرب الاله هارون أخاه معينا ومعبرا لدى الشعب.
دخل موسى وهارون الى فرعون وأبلغاه بكلام الله ان يدع الشعب الاسرائيلي يذهب, فلم يصغ اليهما, لأن العبرانيين كانوا عبيدا نافعين , لا سيما في البناء.
وضرب الله مصر عشر ضربات بواسطة عبده موسى. حول مياه مصر الى دم, وأرسل لهم الضفادع فملأت الشوارع والمخادع, ونفخ الغبار فصار بعوضا وفتك الناس, وبعث بالذباب فأفسد الأرض, وأمات مواشي المصريين وملأ الدنيا رمادا, وضرب الناس والبهائم بالقروح, وأمطر البرد فخرب المزروعات, وأرسل الجراد فغطى وجه السماء, وكسف نور الشمس, وأخيرا ضرب كل بكر من ابكار المصريين. كل ذلك نجده مفصلا في الكتاب المقدس, في سفر الخروج.
أخيرا , ترك فرعون الشعب يذهب. وفي الطريق, شق الرب امام شعبه البحر الاحمر فعبر على اليبس, ثم رد المياه على المصريين بعدما ندموا لتركهم العبرانيين يذهبون ولحقوا بهم طالبين اعادتهم الى مصر عبيدا.
وقاد موسى الشعب العبراني في الصحراء أربعين سنة, يربيه بايعاز الله ويعده لاقتبال خيرات أرض الميعاد. ورغم التعديات والجحود الذي أبداه العبرانيون في الطريق, رغم اشتياقهم الى ارض العبودية, مصر, والى الثوم والبصل هناك, والى عبادة الأصنام , لم يتخل الله عنهم, بل صبر عليهم واعتنى بأمرهم , وكان لصلاة موسى ووساطته دورها الكبير في ذلك.
في البرية , أظهر الرب الاله على شعبه من خلال آيات شتى صنعها امامهم, فأنزل لهم المن من السماء يقتاتون به, وحلى المياه المرة, وقادهم بالغيمة نهرا, وبلمعان النور ليلا, ونصرهم على أعدائهم.
ولما قرب الشعب من جبل سيناء , دعا الرب الاله موسى ليصعد اليه. هناك, على الجبل, أظهر العلي نفسه لموسى في غيمة مضيئة وصوت الأبواق. كلم موسى الله كما يكلم الصديق صديقه , وأجابه الله بالرعود. أظهر الله وعلم موسى أحكام الشريعة. وبقي موسى , فوق, أربعين يوما تلقن خلالها ما كان ضروريا لاقتناء الفضية ومعرفة الله. كذلك تلقن من الله المواصقات الدقيقة الخاصة ببناء الخيمة, والطقوس التي ينبغي على الشعب تأديتها انتظارا لمجيء المسيح بالجسد.
وبعدما تملأ موسى من كل هذه الاعلانات السماوية, نزل مزودا بلوحين حجريين عليهما الوصايا العشر خطها الله باصبعه. كان النور الالهي قد دخل عميقا الى قلبه وطفح على وجهه. واذا لم يكن الشعب قد تلقن , بعد, اسرار الله, لم يستطع تحمل النظر الى وجه موسى, فاضطر لأن يضع برقعا على وجهه.
ورغم كل العلامات والآيات التي أعطاها الله لشعبه, استمر الشعب يخطئ الى الرب الهه ويمرمر عبده موسى.
ومع أن موسى لم يكف عن التوسط لدى الله من أجل الشعب, فانه شكك في عون الله عندما عطش الشعب في مريبا. ولكن, بأمر من الله, ضرب موسى الصخرة, فخرج منها ماء حي وشرب الشعب.وكان لخطيئة موسى والشعب ثمنها, فقال الرب الاله انه لا يدخل الى ارض الميعاد كل ذلك الجيل الذي خرج من مصر لأنه لم يؤمن بوعود الله. بالفعل , عندما بلغ موسى سنة المئة والعشرين, وكان الشعب على وشك الدخول الى الأرض التي تفيض لبنا وعسلا, صعد موسى, بناء لأمر الله, الى قمة أباريم وعاين أرض فلسطين من بعيد. وهناك , على تلك الأكمة, رقد موسى ودفن. ولا يعرف أحد الى اليوم الموضع الذي دفن فيه.
هذا هو موسى , كليم الله, الذي جاء في سفر العدد أنه كان حكيما جدا اكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض (عدد 3:12).
موسى رمز من رموز المسيح في العهد القديم. فالرب يسوع حرر البشرية من عبودية الخطيئة والموت, موسى حرر الشعب من عبودية فرعون. الرب يسوع المسيح يقودنا الى ملكوت ابيه عبر حياة التوبه, وموسى قاد الشعب الى ارض الميعاد عبر صحراء التروض على طاعة الله. الرب يسوع علم كلمة الحياة, وموسى كان معلما للشريعة. الرب يسوع وسيط وحيد بين الله الآب والناس, وموسى كان وسيطا وحيدا بين الله وشعبه اسرائيل.
في العهد الجديد, ظهر موسى مع ايليا يتحدثان, على قمة ثابور, الى الرب يسوع, فكان ذلك بمثابة اشارة الى انه في المسيح اكتمل سعي موسى, وللمسيح كانت شهادة الشريعة في العهد القديم, واعدادا لمجيء المسيح كانت هذه الشريعة.
.