لماذا ندعوا القديسين بالقديسين؟
2010 مايو 20
كتبه الأب سلوان
طرح علينا خلال السنوات السابقة والعمل على الانترنت مجموعة من الأسئلة التي قمنا بالإجابة عليها بشكل شخصي للسائل، واليوم نعمل على اختيار مجموعة منها وتنقيح الإجابة فيها كي تكون عامة والفائدة أكبر، ونضع بين أيديكم السؤال الأول:
مادام الله السيد يسوع المسيح وحده القدوس، لماذا ندعوا القديسين بالقديسين؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتقدس؟
القديس بالمعنى المطلق هو الشخص الذي بلا خطيئة، والقدوس فقط هو الله، كما نرتل في القداس الإلهي: “قدوسٌ واحد، ربٌّ واحد، يسوع المسيح، لمجد الله الآب، آمين”. ولكن من
جهة أخرى كان هذا الاسم من الأسماء الأولى التي أعطيت للمؤمنين، مسيحيو القرون الأولى دعيو “قديسين” (فل 22:4)، “إخوة” (1تس 25:5)، ولاحقاً نالوا اسم “المسيحيين” كي يميزوهم بأنهم أتباع المسيح.
جهة أخرى كان هذا الاسم من الأسماء الأولى التي أعطيت للمؤمنين، مسيحيو القرون الأولى دعيو “قديسين” (فل 22:4)، “إخوة” (1تس 25:5)، ولاحقاً نالوا اسم “المسيحيين” كي يميزوهم بأنهم أتباع المسيح.
بالتالي القديس بالمفهوم النسبي ليس هو بلا خطيئة، لأن الذي بلا خطيئة هو الله الثالوث وحده. القديس بلغة الكنيسة حين تطلق هذا اللقب على شخص تقصد به المؤمن الذي يجاهد في حياته حتى يحقق القداسة والكمال والتأله، وهذا هو هدف الإنسان على الأرض “كونوا قديسين لأني قدوس” (1بطرس16:1)، وفي سفر الرؤية يحثنا القديس يوحنا الإنجيلي: “من هو مقدس فليتقدس بعد” (رؤ 11:22)، أي القديس يجب أن لا يتوقف عن الجهاد، هو لا يُعطَى شهادة قداسة، كما في المدارس، ولكنه ينمو كل يوم في القداسة في مدرستنا أي الكنيسة.
الكنيسة وبدون توقف وباستمرار تقدّس الإنسان بأسرارها والنعمة التي فيها بواسطة الروح القدس، والذي يريد أن يكتسب القداسة فهو يكتسبها فقط في الكنيسة، بالتالي القديس هو الذي يحارب في ساحة الحياة ويجاهد ضد الشر والخطيئة التي تعشش أولاً في قلبه ثم في المجتمع.
إذا القديس هو الذي يجاهد فيقع بالخطيئة ثم ينهض، هو الذي يقع بالوحل وأوساخ الخطيئة مئة مرة ويقوم منها مئة مرة.
إذا وقعت فانهض، وإذا وقعت ثانية فانهض أيضاً، وإذا وقعت ثالثة فانهض وتقدم واستمر، أي لا تيأس عندما تقع أو تخطأ أو تتعثر أو تتلوث أفكارك فكلنا بشر ضعفاء وكلنا خطاة ولا يوجد أحد بلا خطيئة، كل واحد يعرف ذاته، فليجاهد ليصبح أفضل، منتصراً على الشر والخطيئة محققاً إرادة الله. عندما يبقى الإنسان على خطيئته ولا يتغلب عليها فهذا أمر شيطاني. سقطت بالخطيئة هذا لا يعني أنك هلكت. قم ناهضاً أغسل يديك ونظف أفكارك وتقدم بشجاعة ورجاء، ومرة أخرى ستقع ولكن يجب أن تنهض ثانية. محاولتنا أن ننهض ثانية من وقعتنا هو شيء ايجابي لا بل على الأكثر يحتاج إلى قداسة عندما نصبر على الضعفات الشخصية. القداسة أن تسقط ثم تنهض محافظاً قدر استطاعتك أن تبقى واقفاً وثابتاً وصلباً في إيمانك وفي وصايا الله. الطريق صعب وطويل وضيق ولكن قبلنا عبره كثيرون، يمكن أن تنزف أرجلنا وتصاب أيدينا بالجروح وتنتفخ رئتانا ولكن المسيرة في الطريق الضيق الصعب ستودي بنا إلى القمة والهدف أي القداسة. هذه القمة بلغها وعبرها الكثيرون. كل القديسين “الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعيد سدوا أفواه أسود” (عبر33:11) تغلبوا على الأهواء والضعف وحاربوا كل الملحدين والهراطقة وغير المؤمنين وكل الأشرار كل ذلك بواسطة نعمة الروح القدس والكنيسة التي عملت وبشكل دائم على تحقيق القداسة والخلاص للإنسان. ولدينا اليوم قديسين كثيرين. طبعا لا يمكننا مشاهدتهم على التلفاز، القديسون مختفون وسط رؤساء الكهنة والكهنة وداخل العائلات والأولاد والعمال وكل مكان.
حافظ القديسيون على أمرين: الأول، بأن أحبوا المسيح بشكل كبير، وثانياً، بما أنهم أحبوا المسيح بالتالي أحبوا الذي على صورته أي الإنسان.
الذي يحب المسيح لا يستطيع أن يكره أخيه. يجب أن نحب المسيح حتى نحقق القداسة، القديسون أحبوا المسيح واعترفوا بإيمانهم أمام الجميع. اليوم علينا واجب أن نقدم شهادة للعالم أننا أبناء الله وذلك من خلال حياتنا وأعمالنا التي تليق بالله. الجهاد وسط هذا المجتمع الفاسد المليء بالأوساخ والثبات بالإيمان هو الذين يجعلنا قديسين