أحدالمخلع
يدور الحديث فيهما عن الشفاء من المرض الروحي والنفسي والجسدي،
اي الإنتقال من حالةٍ الى حالة ثانية أفضل،
لأن يسوع اتي لتكون لنا الحياة وتكون لنا أفضل
ولينقلنا من سلطان الظلام الى نور اولاد الله
أي ينقلنا من الموت الى الحياة،
ونحن ما زلنا في زمن الفصح زمن القيامة وهذا ما تعنيه لنا قيامة المسيح.
لأن الكنيسة تركّز على القيامة والخلاص روحيا نفسياً وجسدياً.
فالوحي المقدس يخبرنا بأن بطرس يشفي ذاك المواطن من لدّة اسمه اينياس بقوة يسوع المسيح، ويقيم صبية متوفاة في يافا اسمها طابيتا (ظبيّة) أيضاً بقوة يسوع المسيح.
بطرس يعرف حدوده مع الناس وقوته مع الله،
فهو لا يتفاخر بنفسه وكأنه بقوته الذاتية يجترح العجائب
بل إنها قوة يسوع المسيح من خلال بطرس او من خلال اي رسول آخر.
لقد قام بطرس بما أمره السيد الرب إن يعمل هو والتلاميذ الآخرون:
أي ان يكونوا شهوداً له في أورشليم (أعمال1/8) وبطرس يشرح لليهود في عظته الأولى ان الوعد لكم ثم لأولادكم وثم لجميع الأباعد – أي الوثنيين (أعمال 2/39). هذا ما قام به الرسل جميعا، أولاً بدءوا تبشير الشعب اليهودي قبل ان يتفرقوا الى العالم مُعلنين البشارة والقيامة الى الأمم.
هذا ما استطيع إيجازه عن بطرس.
وإنجيل اليوم يخبرنا أن ما جرى في بركة بيت حسدا كاد أن يوقع بيسوع،
لأن ذاك اليوم كان سبتاً، والفريسيون جعلوا الإنسان لخدمة السبت.
لكن يسوع يأتي ليقلب المفاهيم،
ليجعل السبت لخدمة الإنسان.
لذلك يشفي هذا المخلع بيوم السبت.
لا بل يأمر المخلع بأن يقوم من استراحته (سبته) ليحمل سريره ويمشي.
هذا المخلع لا يعمل يوم السبت،
ولا يعمل باقي الأيام
لأن إعاقته جعلته يستريح (يسبت) على فراشه طول حياته من أيام سبوت وغيرها من الايام
لكن يسوع يظهر بحياته لينهي هذه الاستراحة،
يسوع يأتي لينهي هذه الإعاقة،
فيقيم هذا المعاق بالجسد من استراحة الفراش ليظهر مجد الله.
لكن هنالك إعاقة أخرى غير مرئية في هذا الحدث:
إعاقة الروح التي لدى الفريسيين المتمثلة بتمسكهم الأعمى بالشريعة، ويوم السبت.
الفريسيين معاقين روحياً بشريعتهم التي أقعدتهم عن عبادة الله بالروح والحق
فأصبحوا مخلعين لا يستطيعون المسير على طريق الرب
ليس فقط يوم السبت بل كل الأيام،
هذه الإعاقة المتغطرسة بثقة التقوى الفارغة، من طقوس وعادات افقدت ممارسيها الحس الروحي ليس فقط بالله بل بالإنسان ايضاً.
فأصبحوا يعبدون الشريعة والسبت بدل أن يعبدوا الله الحي
يسوع يأتي اليوم ليقول لك قم من طقوسك لتدخل الى محضر الله
قم من ممارساتك التي ترتاح بها لتبحث عني
لتدخل الى عمق الروح الذي سيولدك من جديد
أتى يسوع ليزيل شريعة الحرف الذي يميت
فيجعل محلها شريعة الروح الذي يحركنا ويقودنا حسب مشيئة الله
فيولدنا من جديد (كما قال لنيقودمس).
تبقى حادثة شفاء المخلع قصة من الماضي،
لكن إن دخلتَ الى عمقها فستكشف لك عن إعاقتك الروحية
عندها لن تبقى مجرد قصة
بل ستصبح قصة حياتك
لأنك ستقوم بقوة يسوع من استراحتك وسبتك
فيسوع قادر أن يصنع منك أنسانا جديدا تماماً مثلما صنع من هذا المخلع إنسانا جديدا ذا كرامة وحياة وفعالية
هل تريد أن تختبر هذا الانسان الجديد الذي انت مدعوا أن تكونه؟
هل تريد ان تقوم من فراش تكاسلك الروحي الذي ترتاح عليه؟
هل تريد أن تتحرك بالروح المتحمس رغم ضعف الجسد؟
عليك أن تلتقي بالرب يسوع كما لاقاه هذا المخلع فحصل منه على حياة جديدة.
عليك أن تدخل الى غرفتك
وتنسلخ عن كل ما يشوش عليك التركيز بالصلاة
وتتضع أمام الله الحاضر معك
ثق أن الله حاضر معك ويسمعك
وتكلم معه بكل صراحة
قل له وببساطة ما تشعر به من أحاسيس ومشاعر خشوعية
ودعه يقول لك "قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك".
الناس بمعتقداتها السائدة آنذاك تظن أن لهذه البركة قوة عجائبية
فكانوا يظنون أن ملاك الرب ينزل كل حين ويحرك مياه البركة ومن ينزل اولاً كان يشفى.
لكن الدراسات تشير الى ان البركة تحوي مواد معدنية فتفور المياه من حين الى آخر وفي وقت غير محدد وكان الشعب ينسب هذا الفوران الى تدخل ملاك الرب من السماء.
يسوع الطبيب الاعظم يجتاز هناك فيشفق على المرضى ويواسيهم،
أليس هو من قال: ليس الأصحاء بحاجة الى طبيب بل المرضى.
وها هو يمر برحمته من امام رجُلٍ مقعد منذ ثمانٍ وثلاثين سنة،
هذا المريض مُضجعاً بالقرب من المياه "العجيبة"
وليس هنالك من يشفق عليه لينزله الى البركة
فكأنه يصل الى حافة الخلاص ويرجع.
بهذا المشهد المؤلم والمحزن يتدخل الرب
وبقوته الإلهية يأمر المُخلع (المعاق) قائلاً: "قمْ احمل فراشك وامشِ".
يؤكد يسوع بهذا الموقف شفقته على أخيه الإنسان،
موقف رفق ومحبة مُجرّد عن كل غاية بشرية.
ان تعامل يسوع معنا هو تماما عكس ما نتعامل نحن مع بعضنا،
كثيرون هم الذين مرّوا بالمخلع وشاهدوا حالته ولم يكترثوا به،
ما أقسى قلب الإنسان على أخيه الإنسان.
وأخيراً يسوع يسأل المخلع : "أتريد ان تبرأ؟"
لنتأمل المخلع الذي يجلس كل يوم بجانب البركة،
فجأة يظهر يسو ع بحياته ويسأله "أتريد ان تبرأ؟"
ان الماء الشافي بالنسبة لهذا المخلع هو يسوع المسيح وليس بركة بيت حسدا.
يسوع ليس مجرد بركة بل هو بالأصح ينبوع المياه الحية كما قال للسامرية.
إذا ظهر الرب يسوع فجأة بحياتك كما ظهر بحياة المخلع
فإن سألك السؤال نفسه "أتريد ان تبرأ؟" ماذا ستجيبه؟
يسوع لن يتدخل في حياتك بدون إرادتك لكي تحصل على الشفاء.
بل يريد أن يسمع منك رغبتك بالحياة معه ليظهر مجد الله فيك ومن خلالك. مثلما فعل مع المخلع هنا.
ان طلب يسوع من هذا الرجل: "ان لا تعد الى الخطيئة..." لأن الخطيئة تشلَّ حياة النفس وتجعلها عاجزة مُخلّعة، فلا خلاص لها إلاّ بيسوع المسيح ربنا آمين.
http://www.peter-paul.net/liturgy/sermons/year06/24_Sun20_May7_2006.htm .