عظة للقديس يوحنا مكسيموفيتش
ألقاها في أبنائه في باريس، فصح سنة 1956
لننقِ حواسنا وننظر عِبر نور قيامة المسيح المضيئة التي لا يمكن بلوغها. الآن كل شيء ممتلئ بالنور،
السماوات والأرض وما تحت الأرض. الكل يستحمّ الآن بالنور. المسيح قام من بين الأموات. السماوات تبتهج، الأرض تفرح وما تحتها يمجّد. الملائكة ينشدون
“بقيامتك أيها المسيح السيد، أنت اجعلنا على الأرض أيضاً مستحقين لتمجيد بقلب نقي.
جوق الملائكة، الذي ارتعب من رؤية الخالق والسيد ميتاً، ينشد الآن نشيد الفرح ويمجدونه قائماً.
اليوم آدم يتهلل وحواء تبتهج، معهما الأنبياء وبطاركة ينشدون المدائح اللائقة بخالق الكل ومخلصنا، الذي نزل إلى تحت الأرض من أجلنا.
إن معطي الحياة يقود البشر من الجحيم في هذا اليوم، ويرفعهم إلى السماوات. إنه يطرح قوى العدو ويكسر أبواب الجحيم بقوة سلطانه الإلهي. على الأرض، الملائكة يذيعون الأنباء السارة للبشر ويعلنون قيامة المسيح. متزينين بثياب بيضاء منيرة، الملائكة يسألون حاملات الطيب: “لماذا تطلبن الحي بين الموتى؟ لقد قام. إنه ليس ههنا! تعالين وانظرن المكان حيث كان رقد”. تجري حاملات الطيب إلى الرسل حاملات لهم الأخبار السعيدة. ومن خلال الرسل والإنجيل يُبَشَّر بقيامة المسيح في كل العالم اليوم.
لم يرَ كل الرسل المسيح القائم مباشرة بأعين روحية. تلميذان مسافران إلى عمواص رأوا المسيح سائراً معه ولم يعرفاه عندما أدفأ قلبيهما الحزينين، ومن ثم انفتحت أعينهما الروحية.
مريم المجدلية تحدّثت مع المسيح في الحديقة، لكنها لم تعرفه ولم تضطلع على سر القيامة، إلى أن لمس صوت معلمها المحبوب قلبها وأنار نفسها، التي كانت سابقاً غارقة في الأفكار دنيوياً. التلميذ المحبوب يوحنا، الذي كان قلبه نقياً وغير معطّل بالجبن، هو قبل كل الآخرين تبيّن بعينيه الروحيتين نور المسيح القائم، وبعيني جسده شاهد الرب الظاهر. المسيح، مبدداً ومبعثراً سحابة الخطيئة المظلمة العابسة، وهو شمس البِر،
ظهر لامعاً وامضاً ليس في قلوب الرسل ونفوسهم وحدهم، بل ومعهم كل الذين تقرّبوا منه بإيمان ساعين إلى الخلاص. “طوبى للذين لم يروا وآمنوا”،
“طوبى للذين رأوني ليس في عيني الجسد بل بعيني القلب”.
رئيس الشمامسة استفانوس أول الشهداء، رأى بعينيه الروحيتين السماوات مفتوحةوالرب يسوع المسيح عن يمين الله الآب. العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر رأى المسيح القائم بعيني الإيمان، ومثله كل الشهداء الذين قدّموا حياتهم الأرضية للمسيح لكي يحصلوا منه على الحياة الخالدة. إن مجاهدي الروح ثبّتوا نظرهم الروحي عليه، مزدرين بالملذات الأرضية، فتتوجوا في السماوات بمجد لا يذبل. لكن لا الكتبة ولا الفريسيون، أعداؤه، رأوا المسيح القائم. معذبو الشهداء لم يروه يشدد الشهداء. ومثلهم كل الذين نظرهم الروحي معاب بقلة الإيمان، قلبهم غير ملوّث بالخطايا والشرور، ومشيئتهم موجهة فقط نحو الأرضيات، لن يروا نور مجد المسيح القائم.
لننقِ قلوبنا من كل الوحول والوسخ، وأعيينا الروحية سوف تستنير. نور قيامة المسيح سوف يفيض ويملأ نفوسنا، كما تمتلئ كنيسة القيامة بالنور، سنوياً وعبر القرون، في سبت النور، عندما يتسلّم البطريرك الأرثوذكسي، دون سواه، النور.
لنضع قلوبنا فوق! فلنتخلَّ عن كل ما هو أرضي، لنفرح في هذا اليوم ولنزدد فرحاً. المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت.
المسيح قام.
http://www.radio-abana.org/news-14,N-111.html