Monday, March 22, 2010

أحد الشعانين
دخول المسيح إلى أورشليم
“لِهَذَا أَيْضاً لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هَذِهِ الآيَةَ
علّم السيد المسيح الشعب اليهودي لثلاث سنوات و صنع آيات وعجائب كثيرة التي بسببها صار معروفاً أكثر بين الشعب. ويمكننا تمييز الكثير من العجائب الرئيسية التي كان لها تأثير على الشعب، فمثلاً في سنته الأولى للبشارة كانت أعجوبة المخلّع، المريض منذ 38 عاماً، وفي سنته الثانية كانت حادثة شفاء الأعمى، وفي سنته الثالثة وقبل آلامه بأيام قليلة كانت حادثة إقامة لعاذر، و بسبب الأخيرة بالخصوص استقبله هذا الحشد الكبير من الشعب على أبواب أورشليم “لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هَذِهِ الآيَةَ” (يو18:12).
دخوله أورشليم:
دخل السيد المدينة راكباٌ على حيوان بسيط أي جحش ابن أتان، كما ذكر في الكتاب المقدس. كان هدفه من ذلك أن يغيّر الصورة الخيالية المأخوذة عن المسّيا (المخلّص المُنتظر)، فالصورة التي كانت موجودة في ذهن الشعب وحتى لدى التلاميذ عن السيد مختلفة كلّياً عن الواقع، هم شاهدوا عجائبه واعتقدوا أنه المسّيا المنتظر الذي سيخلّصهم من حكم الرومان ويؤسس مملكة إسرائيل على الأرض. كانوا ينتظرونه كمحرّر أرضي “وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ” (لو21:24). حتى أنهم، ولمرّات عديدة، أرادوا أن يقيمونه ملكاً رسمياً عليهم (يو15:6). لكن بالمقابل كان المسيح صارماً اتجاه هذا الأمر. هم أرادوا خبزاً أرضياً بينما هو تحدث عن خبز الحياة الأبدية “اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ” (يو27:6). هم أرادوا السيد أن يكون ذو مكانة رفيعة وعالية وقوياً لا يُغلب، بينما ظهر عند دخوله المدينة متواضعاً حنوناً وهادئاً، هم أرادوه قائد حرب لكنه لم يدخل المدينة كقائد حربي بل كرجل متواضع ذاهب ليتألم. هو تألم حتى النهاية لكي يعلّمنا أن لا نتكبّر على الآخرين وأن لا نطلب منهم أكثر مما هو ضروري للخلاص.

ردة فعل الشعب:

لم تكن ردة الفعل واحدة من الجميع، فانقسموا لقسمين: الأول ذو العدد الكبير “الجمع الأكثر” (متى8:21) و “كثيرون” (مر8:11) و “كل جمهور التلاميذ” (لو37:19) أخذوا سعف النخل وفرشوا ثيابهم ليمشي عليها المسيح وصرخوا مع الأطفال قائلين: “مبارك الآتي باسم الرب” (يو13:12). هم استقبلوه كما يستقبله الملائكة كملك وإله. أما القسم الثاني وهم العدد القليل كانوا من الفريسيين الذين تذمّروا وطلبوا من المسيح أن يُسكت الجمع والتلاميذ عن الصراخ عند استقباله: “يا معلم انتهر تلاميذك” (لو39:19)، و أخرون منهم خافوا حانقين: “انظروا انكم لا تنفعون شيئاً هوذا العالم قد ذهب وراءه” (يو 19:12). بالنتيجة نلاحظ أن الشعب استقبله كما يجب، كملك وإله، أما الرؤساء فقد غضبوا وخافوا ومكروا في قلوبهم الشرّ.

المراتب العالمية:

الكنيسة هي جسد المسيح، ولا يمكنها، بأي حالة من الأحوال، أن تطالب أو رؤسائها بمكانة عالمية ما، لأنهم بذلك يلتصقون بهذا العالم فقط ويبتعدون عن الملكوت السماوي، فالكنيسة يمكن أن تكون في هذا العالم ولكنها لا تعمل بطريقة عالمية، حتى أعمالها الإنسانية من مساعدة الفقراء، أو أمور اجتماعية أخرى، فإنها تنطلق من السيد المسيح وليس من أسس بشرية عالمية. وإذا تحلّت الكنيسة ببرفير وأرجوان بدون تواضع المسيح لا تكون الكنيسة التي أرادها المسيح. فالمؤمن عليه أن لا يسعى لعروش وكراسي بل لتواصل مباشر وحي مع المسيح. لذلك يجب على الكنيسة أن تسلك في طريق الشهادة والذي سلكه الرب أولاً، واضعةً نصب عينها شخص المسيح كي لا تضلّ عن المسلك الصحيح وتضيع في هذا العالم. في الكنيسة لا يتم التقاطع بين المكانة العالمية والخدمة الكنسية. هدف الكنيسة أن تجمع أبناء الله في حظيرته وتريهم طريق الخلاص، فمبارك الآتي الذي سيخلّصنا.
الأرشمندريت سلون أونر
اليونان