المرض والشفاء في
اللاهوت الأرثوذكسي
للمتروبوليت يوحنا زيزيولا
كيف يفهم اللاهوتُ الأرثوذكسي وكيف يجب على الكنيسة أن تفهم المرضَ والشفاء، وذلك ليس بمفاهيم إيديولوجية مسيطرة أو مفاهيم نفسية نفعية؟ في محاولتنا لإعطاء إجابة على هذا التساؤل، سنستعير بعض المبادئ الأساسية التالية من اللاهوت الآبائيّ:
1- المرض، بكلّ أنواعه هو نتيجة سقوط الإنسان. هذا يعني أنّ المرض يرتبط مع الخطيئة، وليس مع الطبيعة البشرية. ليس بالأمر الطبيعي إذاً أن يمرض الإنسان، إنما هو أمرٌ مخالفٌ للطبيعة. يبدو هذا للوهلة الأولى أنه سيقودنا إلى ما أسميناه إيديولوجية مسيطرة، في هذه الحالة فإنّ العلاج والشفاء يعنيان التكيّف مع الطبيعة. إنّ طبيعة الإنسان بحدّ ذاتها، بما أنها من العدم، فهي قابلة للتغيّر، أي تميل نحو الفساد والموت، وبالتالي نحو المرض. لكنّ الطبيعة نفسها يمكنها أن تتجاوز هذا الميل، ليس بقوى فطرية داخلها، إنما باتحادها بالإله الأزلي والعادم الفساد. إنّ تجاوز كلّ من هذه النزعة الفطرية في الطبيعة البشرية وهذا الفساد، أُعطي للإنسان كـ “كلمة”، كهدف نهائي يعود تحقيقه إلى حرية الإنسان كشخص. دُعيَ الإنسانُ الأول، كشخصٍ حرّ، ليقود الطبيعة إما باتجاه ذاته أو خارجاً عن ذاته، أي نحو الله. أما الاختيار الحرّ للإنسان الأول، آدم، فقد كان الخيار الأول من بين الاثنين، أي ميل الطبيعة تجاه ذاتها، وهكذا تحوّل المرض من إمكانية طبيعية إلى حقيقة طبيعية. لم يكن ممكناً بعد ......