Monday, May 23, 2011

26 ايار
 الرسولان كربوس وحلفا من السبعين
            عندما انفلقت قمة الجبل ، محدثة منحدرا خطيرا ، خاف الرسول على حياته .
            هل الرسول كربوس احد الرسل السبعين ، الذي سبق ان اختير للكرازة بانجيل يسوع المسيح  ، سيطرح الى اعماق الهاوية التي  احدثها الزلزال؟
            الجهاد في الحياة وفي الموت عند من هو صديق حميم وتلميذ ، للرسول العظيم بولس ، بدأ سنة 70 م . بالنسبة للقديس كربوس ، فان الزلزلة الفجائية اطلقت فيه عنادا يأبى صاحبه ان تبتلعه الارض التي انفلقت تحت قدميه ، اذ من شأن ما حدث ان يزوده بعبرة روحية لكل الحياة .
            جرت الحادثة المروعة ، في فترة كان فيها هذا القديس الشهيد لاحقا ، يصلي الى الله كي يضرب رجلين شريرين خاطئين . هذان الرجلان كانا يحرضان كثيرين من الناس يعيشون على جزيرة كريت، لاثارة الفتن بينهم ، وكان ذلك في المكان الذي ارسل اليه كربوس من قبل القديس بولس للكرازة
بيسوع المسيح .
            بالنسبة  لكربوس المنتدب من الرسول بولس ، اسقفا على فيريا من اعمال ثراسيا ( تركيا حاليا ) ، لم تكن الاعمال المشينة امرا مقبولا . القديس كربوس انسان عميق روحيا ، وقد اختبر رؤى سماوية ، الامر الذي اثر كثيرا على اعز اصدقائه في كريت ن وهو القديس ديونيسيوس الاريوباغي الذي كان يتردد باستمرار على الموفد من قبل الرسول بولس الى كريت .
            وفي كل مرة كان فيها القديس ديونيسيوس الاريوباغي يزور الاسقف المتألم والحزين ، كان هذا الاخير يخبره عن الافعال المشينة التي يقترفها هذان الشريران الاثيمان اللذان كانا يحرضان الابرياء ويقودان خطى الناس نحو الهلاك .
            كربس هو غيور ومحب ، وواحد من الرسل السبعين ، ذكره بولس الرسول في رسالته الثانية الى ولده تيموثاوس ( 4 : 13 ) . عرف كربوس رؤى عديدة لابن الله  والملائكة القديسين في كل مرة اقام فيها الذبيحة الالهية . وبسبب من روحانيته العميقة ، فقد جرحه سلوك هذين الشريرين  فرغب ان يقاصصهما الله بالنار . وذات يوم بينما كان يصلي من اجل ذلك ، سمع صوتا خافتا يهمس في اذنه ، بحسب مؤرخي الحقبة : اذهب وعذبني اكثر ، فانا مستعد للالام ، ومستعد ان اصلب من اجل خلاص جميع الناس . " لم يكن كربوس يتوهم ، بل كان يصغي للفادي القدوس  الذي راح يخبره ان علينا ان نسامح جميع الخطأة على هفواتهم ونواقصهم ، لا ان نطلب ان يحرقوا بالنار ! وجاهد القديس ضد هذا الفكر في قلبه ، الا انه لم يستطع  حياله شيئا .
            وذات يوم ، بينما كان يهم للصلاة ضد هذين الشريرين الاثيمين ، انتقل الى قمة جبل تعصف به الرياح العاتية ، وهناك راح ان يضرع الى الله يسوع المسيح كي يرسل نارا من السماء تلتهم الشريرين . لكن بدل ان يستجيب الرب الى سؤله ، ارسل هزة ارضية ، فلقت الجبل الى قسمين ، وتركت القديس على حافة هوة رهيبة . ولما نظر كربوس الى الهوة الرهيبة اسفل ، للحال لمح الخاطئين اللذين كان يمقتهما مقتا شديدا . كلاهما كانا ملتصقين بطرف من الجرف الصخري ، وعلى وشك الانزلاق اسفل كي تبتلعهما الافعى الضخمة .
            ولما راح القديس ينظر بذهول ، كانت الافعى تتمايل متهللة بانتظار وجبتها الفخمة . ولكن قبل ان تبتلع الخاطئين ، احس كربوس بمسحة المحبة تلامس نفسه ، فراح على الفور يصلي من اجل نجاتهما .
            وبحسب القديس ديونيسيوس الذي سجل الحدث كله من اجل الاجيال ، استجاب الله على الفور الى صلاة القديس الحارة ، الذي كان يسرع نحوهما ، وكان الرب معه ويداه ممتدتان نحو الخاطئين لترفعهما من الهاوية ، وترسلهما الى السلام المغبوط الذي تقدمه التوبة والحياة الجديدة  كمؤمنين تقيين بالانجيل الشريف .
            بالنسبة للقديس كربوس ، فان هذه اللحظة الرؤيوية ، ستكون عبرة لحياته كلها . وبدل هلاك الخاطئين ، ورغم صلاة الاسقف القديس ، فالرب اظهر  لهما رحمة  وسمح لهما بفرصة للتوبة كي يعيدا حياتهما الى الصراط القويم . ولما كانت الدموع تملأ عينيه ، ادرك انه شهد روح الانجيل الحقيقية – المحبة وغفران الخطايا التي تمقت الخطيئة ، الا انها تحب الخاطئين .
            وبعد هذا الحدث الذي بدّل حياته ، تابع القديس كربوس ليكون اكثر محبة وحنانا . الاان جهاداته والامه لم تنته بعد . بعد سنوات، بينما كان يكرزبالانجيل الشريف للوثنيين ولليهود في منطقة ثراسيا ، اغتاظ بعض المتعبدين والكهنة من الوثنيين ، فقد رأوا في كرازته تحديا  لهم .
قضى القديس كربس وصلاة الغفران على شفتيه . وكان ذلك سنة 95 م بحسب مؤرخي الحقبة . فوضع جثمانه تحت الكنيسة التي قام هو ببنائها في فيريا . وبعد اكثر من 900 سنة يتابع المغبوط الشهيد كربس الهامه للمسيحيين الذين يجاهدون من اجل عيش المسامحة . تذكرنا سيرته ان مقاصد يسوع المسيح ليست هي ان يهلك الخطأة بالنار ، بل يغفر لهم الله بالمحبة .

التلميذ القديس حلفا الذي سيرته كخادم للمسيح ، يعيد له في هذا اليوم ايضا . هذا كان ابا لاثنين من الرسل الاثني عشر : يعقوب ، ومتى الانجيلي .
هو مواطن من كفرناحوم الجليل ، في فلسطين . كان انسانا تقيا وورعا يخاف الله . وقد علّم ولديه ان يحبا القريب ، محبتهما لنفسيهما . ولكن رغم توجيهاته فان لاوي آثر منذ شبابه ان يصبح جابيا مكروها ، موظفا يعمل لدى الرومان المحتلين في فلسطين ، وكان له سلطان ان يجبي الضرائب على كل سلعة تباع في تلك المنطقة .
واسوة بجباة الضرائب الاخرين ، كان لاوي عديم الشفقة في اختلاس ما امكن من المال من جميع ضحاياه .
ولكن حصل ما هو عجيب . بعد ان استمع كلمات يسوع في احدى زياراته الافتقادية  الى المنطقة ، ، اهتدى يعقوب ومتى الى الانجيل الشريف وصارا من اتباع  الرب ، ومن الرسل الاثني عشر . وفي النهاية فان التعليم اللطيف والوقور الذي مارسه الاب المتواضع من كفرناحوم ،سيساعد في تهيئة الجابي لاوي ( الذي سيصبح اسمه المسيحي : متى ) من اجل خدمة انجيل ابن  الانسان .
            ويعتقد ان القديس حلفا هو اب الشهيدين القديسين ابيركيوس ( الذي لدغه النحل حتى الموت بينما كان مقيدا الى شجرة ) ، والقديسة هيلانة  التي رجمت حتى الموت . هو اب لطيف ومحب بحسب الشهادات التاريخية . لم يألو  جهدا لتربية ابنائه كي يصيروا مسيحيين محبين وفاضلين . كان تعليمه مؤثرا للغاية حتى ان ولديه اصبحا قديسين في الكنيسة المقدسة .
            رقد هذا الاب المبارك بالرب سنة 100 م في موطنه كفرناحوم بينما كان يسبح الله  الذي اعطاه ان يربي ولديه هكذا . نتعلم من سيرته اهمية احتضان اولادنا بمحبة وحكمة وتقوى من اجل كلمة الله القدوس .

طروبارية :باللحن الثالث :
" ايها الرسول القديس كربوس تشفع الى الاله الرحيم ، ان ينعم بغفران الزلات لنفوسنا . "