Saturday, March 5, 2011


أحد الأرثوذكسية - أحد الأيقونات

السلام عليكِ يا كوكباً مظهراً الشمس

من خدمة المديح الكبير لوالدة الإله الفائقة القداسة

اليوم هو الأحد الأول من الصوم الكبير المقدس، الذي تخصصه الكنيسة للاحتفال بانتصارها على هرطقة محاربي الأيقونات المقدسة والتي استمرت حوالي مئتي سنة، تم فيها تدمير الكثير من الأيقونات وسحلها في الشوارع ودوسها بالأقدام وإهانتها. الكنيسة الحية بالروح القدس نهضت من جراحها وصرخت في المجمع المسكوني السابع في القرن الثامن الميلادي بأن الأيقونة المقدسة هي نافذتنا على الملكوت السماوي، وأن الإكرام الواجب هو لمن تمثلهم وليس للمادة التي تتكون منها.


كُتب الكثير عن الأيقونة ولاهوتها ومعانيها، ولسنا في صدد الإعادة.

لكننا في صدد إكرام الأيقونة الحية، التي مادتها هي اللحم والدم، أيقونة المسيح على الأرض. واعني بذلك أولئك الذين صاروا كواكب تلمع بمجده وتنير الطريق لكل مقبل إليه ومجاهد نحوه. أولئك الذين ماتوا عن ذواتهم وتحولوا إلى مسحاء، الذين اعتمدوا للمسيح فماتوا عن خطاياهم ولبسوا المسيح، الذين نقصوا وتضاءلوا من جهة ذواتهم ليزيد فيهم المسيح ويصلوا إلى ملء قامته. الأيقونات الحية التي ماتت من جهة العالم وتحيا الملكوت على الأرض تحقيقاً لقوله له المجد " ملكوت الله في داخلكم ".


نرفع الأيقونات المقدسة اليوم في وسط الكنيسة ونطوف بها في زياح مهيب تخليداً لذكرى قيامة الكنيسة من إحدى أهم البدع التي حاولت أن تدمرها. ولكننا في الحقيقة نزيّح نفوسنا ونطوف بأجسادنا التي هي الأيقونة الحقيقية التي يريدها الرب صورة له ومسكناً " أما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟ ان كان احد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لان هيكل الله مقدس الذي انتم هو ... ... ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وانكم لستم لانفسكم " ( كورنثوس الأولى 3: 16-17 ، 6: 19 ). هذه الأيقونة الحية هي جديرة بكل إكرام واحترام ، ليس في أحد الأرثوذكسية فقط بل وفي كل حياتنا. هذه هي الأيقونة يجب أن نحرص على أن لا نشارك الهراطقة في تدميرها وسحلها في الشوارع وإهانتها ودوسها كما فعلوا بأيقونات السيد والسيدة وسائر القديسين الأبرار. لأنه كما يقول القديس بولس " فانكم انتم هيكل الله الحي كما قال الله اني سأسكن فيهم واسير بينهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعباً " ( كورنثوس الثانية 6: 16 ).


فهل يمكن لأحد ان يدنس هيكل الله ومسكنه؟ وهل نحرص على الهيكل المصنوع من الحجر والخشب أكثر من حرصنا على الهيكل الذي جبلته وصنعته يدي الإله؟ هل تؤذى هذه الأيقونة الحقيقية من خلال الشهوات الباطلة والرغبات القبيحة، أو الانتحار أو القتل أو إلحاق الضرر والأذى بها؟


هذا الإكرام ليس فقط لأيقونتنا ، أي لشخصنا فحسب، بل هو لكل شخص خلقه الرب على صورته ومثاله ( أيقونة له ، ناطقة، حية ). لأن الله أراد له أن يكون فمن نحن حتى نقوم بإلغائه أو تهميشه أو أذيته فكرياً أو جسدياً أو حتى نفسياً؟ هكذا نحيا محبة القريب
كنموذج لمحبتنا لله، ولمحبة الله لنا " بهذا قد عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لاجلنا فنحن ينبغي لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة " ( يوحنا الأولى3: 16 ). هذا ما يقوله التلميذ الذي كان يسوع يحبه ( يوحنا اللاهوتي الحبيب ) الذي اتكأ على صدر يسوع في العشاء الأخير من شدة الحزن على كون الرب مزمع ان يغادرهم إلى الآلام. محبته لم تسمح له أن يتصور سيده يتألم، محبة قادته إلى أقدام الصليب ليودع يسوعه ويحتضن الأم الطاهرة المفجوعة بوحيدها حتى رقادها طارحاً كل خوف من الموت والعذاب كما يقول بنفسه " لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج لان الخوف له عذاب واما من خاف فلم يتكمل في المحبة " ( يوحنا الاولى4: 18 ).

أذكر عظة لصاحب الغبطة في ذكرى رقاد السيدة منذ عدة سنوات، وهو عيد الكنيسة المريمية في دمشق، لما أشار بيده لأيقونة والدة الإله قائلاً أن مريم تدعونا لننظر إليها من خلال الأيقونة لكي نكون مثلها ونشابهها في كل شيء. مريم الأم التي قدست ذاتها بالصلاة والصوم فقدسها الله بروحه وتنازل واتخذ منها جسداً ليحل بيننا. والطفل الذي تربيه أمه يحاول أن يقلدها ويتشبه بها في كل ما تفعل وتقول. فلنترك نفوسنا وذواتنا في مدرسة البتول الطاهرة ام المسيحيين، ونتعلم من أيقونتها أن يكون المسيح محور كل حياتنا مشيرين بيدينا نحوه وليس نحو نفوسنا الضعيفة، لكي يقدسنا بحلول نعمة روحه القدوس علينا وتجسده فينا. لكي نصير مثلها كوكباً مظهراً الشمس الحقيقية في العالم المظلم برئاسة إبليس وفكره وشهواته. حتى نصير حقاً أيقونات حقيقية في ملكوته " من يغلب فسأجعله عمودا في هيكل الهي ولا يعود يخرج الى خارج واكتب عليه اسم الهي واسم مدينة الهي اورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند الهي واسمي الجديد " ( رؤيا3: 12 ).


إقرأ المزيد {تكريم الأيقونة} أحد الأرثوذكسية - أحد الأيقونات

الشبكة الأرثوذكسية العربية الأنطاكية