عاش هؤلاء في عصر من الرعب والخوف في زمن اللصوص الشرسين ، والعرب المرعبين ، الذين من العالم غير المتمدن في العربية ، الذين طافوا فلسطين وهم يهدمون الاديار ويذبحون الرهبان الذين لا حول لهم ، الذين هناك .
وفي سنة الرب 796 ، وفي احد الاديار ، وعلى اطراف المدينة المقدسة اورشليم ، بينما كان الرهبان يتناولون وجبة بسيطة من الخبز والشوربة في الصوم الكبير ، سمعوا اصوات خيول تعدو وهي تقترب ، فأدركوا ما هو اسوأ .
بالنسبة للاباء القديسين الذين سكنوا في دير مار سابا الشهير في فلسطين ، ها الكابوس يحل بهم الان .
لقد وصل الغزاة كي يقضوا على الرهبان . اما رئيسهم المحبوب ، وهو راهب شجاع لطيف المعشر ويدعى توما ، فقد كان اول من تكلم . في صوت خافت يحمل معاني عميقة ، ذكّر رهبانه ان خدمة الرب تتطلب احيانا قبول الشهادة المقدسة. . وان هذه الشهادة هي في العادة هبة
ثمينة . الم يدفع الرب والمخلص يسوع المسيح الثمن عينه عندما سكب دمه لفداء العالم من الخطيئة والموت ؟ وقال الشيخ الراهب توما : " لقد تركنا العالم وقصدنا البرية حبا بالمسيح " . بينما اثناء ذلك ، راح الرهبان يهزون رؤوسهم وهم يستمعون له . واردف : سيكون من العار علينا لو اننا هربنا من البرية خوفا من الناس . واذا ذبحنا ههنا ، فهذا سيكون حبا بيسوع المسيح ، فنحن من اجله نعيش ههنا . وهكذا كان : الرهبان لن يهربوا ، بل انتظروا جميعهم بهدوء بينما راحوا يصلون ويتأملون ويعزّون بعضهم بعضا الى ان اقترب وقع اقدام الخيول وقعقعة السيوف . اما الشهداء الابرار يوحنا ، سرجيوس ، وبتريكيوس وسواهم ، فكانوا على اهبة الاستعداد لاحتمال اسوأ عنف يمكن للبشر ان يواجهوه .
ثمينة . الم يدفع الرب والمخلص يسوع المسيح الثمن عينه عندما سكب دمه لفداء العالم من الخطيئة والموت ؟ وقال الشيخ الراهب توما : " لقد تركنا العالم وقصدنا البرية حبا بالمسيح " . بينما اثناء ذلك ، راح الرهبان يهزون رؤوسهم وهم يستمعون له . واردف : سيكون من العار علينا لو اننا هربنا من البرية خوفا من الناس . واذا ذبحنا ههنا ، فهذا سيكون حبا بيسوع المسيح ، فنحن من اجله نعيش ههنا . وهكذا كان : الرهبان لن يهربوا ، بل انتظروا جميعهم بهدوء بينما راحوا يصلون ويتأملون ويعزّون بعضهم بعضا الى ان اقترب وقع اقدام الخيول وقعقعة السيوف . اما الشهداء الابرار يوحنا ، سرجيوس ، وبتريكيوس وسواهم ، فكانوا على اهبة الاستعداد لاحتمال اسوأ عنف يمكن للبشر ان يواجهوه .
لم يكونوا يتوهمون ما هو محدق بهم ، لأن سمعة هؤلاء اللصوص قد سبقتهم . وكما جرى الوصف لاحقا ، كما في "اغنية رولاند " ، من العصور الوسطى ، فان اللصوص من العربية كانوا حقا تهديدا مروعا للاديار ، وذلك بسبب مقتهم لكل ما هو مسيحي .
كان الذبح فوريا ، وقد راح بعض اللصوص يتلهّون باطلاق السهام على الاخوة العزّل ، بينما اخرون راحوا يلوّحون بسيوفهم ورماحهم . وقطعوا رؤوس بعض الرهبان ، وارغموا البعض الاخر على الدخول في فوهة كهف ضيق يقع بجوار الدير . وبعد ان ادخلوهم ، اضرموا النار فيه وراحوا ينفخون الدخان الى داخل ، فقض كثيرون من الرهبان اختناقا ، الواحد تلو الاخر . قضى هؤلاء جميعا في عهد القديسين قسطنطين وهيلانة ، وكان هذا في زمان كان فيه القديس العظيم الياس بطريركا على اورشليم .
الا ان سبل الله لا تدرك بالكلية ، فما ان عاد الغزاة الى خيامهم في تلك الليلة ، حتى اختلفوا فيما بينهم على توزيع الغنائم . وفي العراك العنيف الذي اعقب ذلك ، قضى كثيرون منهم ، اما البعض الاخر فقد اثخنوا بالجراح .
الا ان كرامة الراقدين لم تنتسى ، فالقديس يوحنا ، راهب شاب لم تظهر لحيته بعد ، اشبع ضربا ، وبعد ذلك قام الغزاة وقطعوا اعصاب يديه ورجليه . ثم جروه وسط حجارة الدير ، فتمزقت لحمانه وراح ينزف . اما القديس سرجيوس الذي كان يؤتمن على الاواني المقدسة في الدير فقد حاول قدر المستطاع ان يخفي الاواني المقدسة عن عيون الغزاة . لكن سرعان ما ادرك الغزاة امره ، فقطعوا رأسه كي يتخلصوا من ازعاجه .
وبعد دقائق وعندما اختنق من تبقى في المغارة من الرهبان ، اطلق القديس بتريكيوس بضعة كلمات ستبقى في الذاكرة زمانا طويلا ، فقال لزملائه : " لاتخافوا ، انا لوحدي سأغادر الكهف لألاقي الموت . اما انتم فاجلسوا ههنا عاكفين على الصلاة . " وبعد لحظة خرج الى النور ، ولا قى مصيره . وعندما اراد الغزاة ان يعرفوا اذا كان الرهبان في المغارة قد ظلوا على قيد الحياة ، اجابهم القديس بتريكيوس وقال : انا لوحدي داخل المغارة . الا انه اخفق في النهاية ان ينقذه اخوته الرهبان ، الا انه بذل حياته كي يفعل ذلك . وفي النهاية قطع رأسه .
ان سيرة الاحد والاربعين شهيدا الذين قضوا في دير القديس سابا في تلك الظهيرة ، في فلسطين ، كانت مباركة على صعيدين اثنين : 1- بالموت حبا بانجيل يسوع المسيح فان الرهبان الذين ابوا ان يهربوا عن جبن ، مجدوا الله القدير على نحو عجيب وذلك عندما بذلوا دماءهم حبا به . 2- اما شهادتهم البطولية فكانت بمثابة الهام للاجيال التي عاشت بعدهم . والى اليوم ، وعند الجهادضد ضد رياح مشكلات الحياة اليومية، يذكر المسيحيون القديسين يوحنا ، سرجيوس ، وبتريكيوس ، للاستشفاع بهم وطلب معونتهم .