Tuesday, February 15, 2011

  16 شباط
 تعيد الكنيسة للقديس الشهيد بمفيليوس كاهن قيصرية في فلسطين .
             بسبب مهارته وبراعته في في تحرير المخطوطات اسندت الى بمفيليوس مهمة عظيمة لتصحيح الاخطاء في نسخات العهد الجديد العديدة . هذه الوثائق المقدسة كانت الوسائل الوحيدة التي فيها حفظت كلمة الله خطيا ، فقدمت كنزا لا يثمن لكل الكنيسة الاولى المقدسية .
            اما التحدي الذي واجهه بمفيليوس فكان رهيبا ، فقد تضمن ساعات كثيرة من الدراسة العميقة المتأنية دقق في كل كلمة ، وفي كل وثيقة . وكان خادم المسيح المطيع هذا مساعدل لهذا التحدي ، ولم يتهرب منه البتة . لسنوات عديدة عمل ليلا ونهارا على المخطوطات ، واسهامه في مستقبل المسيحية كانهائلا ن فهذه المخطوطات الثمينة سوف يساعده في هداية الاف الداخلين الى الكنيسة المقدسة في القرون اللاحقة .
            اما المواهب التي قدمها هذا الباحث والمحرر الغيور ، فكانت لا تحد . ومع ذلك فان جزاءه على الارض سيكون الاستشهاد ، فقد القي القبض عليه ، وجرى التحقيق معه ، وناله من التعذيب والتنكيل الكثير ، وفي النهاية قطع رأسه على يد الطاغية فرميليانوس حاكم فلسطين ، حوالي سنة 300 م
            بمفيليوس انسان تقي ومتعلم . ولد لعائلة ارستقراطية في مدينة بيروت المدينة الفينيقية القديمة ( اليوم هي عاصمة لبنان ) .في مطلع حياته تلقى افضل العلوم التي يمكن اقتناؤها بالمال ، ثم اوفده والداه الى الاسكندرية ، في مصر ، مركز الحضارة في العالم ، انذاك  حيث بعض اعظم اساتذة التاريخ كانوا يعملون بجد مع طلابهم . في الاسكندرية مكتبة عظيمة فيها اعظم المخطوطات القديمة ( اكثر من 300 الف) من نصوص يونانية ، بحسب رأي علماء الحقبة . وكطالب لامع في الاسكندرية درس بمفيليوس على يد الشهير بيروس ، واللاهوتي اللامع والفيلسوف اوريجنس .
            بعد ان انهى دروسه ، قرر الانخراط في سلك الكهنوت ، وكانت سيامته في قيصرية المدينة الساحلية العظيمة في فلسطين على يد المطران اغابيوس مطران المدينة الذائع الصيت . وفي غضون سنوات اسس بمفيليوس مكتبة عظيمة جمعت اعمال اوريجنس وكتّاب
كنسيين اخرين ، الى جانب الاسفار المقدسية . كان بمفيليوس يتوق الى الاسهام قدر المستطاع في المكتبة ، فبدأ ينسخ بعض الوثائق القديمة التي لا تقدر بثمن في فلسطين . وقام بمساعدته تلميذ موهوب هو المؤرخ الشهير افسابيوس الذي سوف يدون في يوم من الايام سيرة هذا القديس المتواضع والموهوب .
            ولكن لسوء حظ هذا الباحث العظيم ، فتلك السنوات كانت حبلى بالاضطهادات المروعة على ايدي الامبراطورين ديوكلتيانوس ومكسيميانوس. في سنة 307م  زج الحكام بمفيليوس في السجن ، وراح الجند يعذبونه بين الحين والاخر ، ثم في النهاية قطعت هامته بتوجيه من الحاكم العديم الشفقة فرميليانوس .
            الا ان بمفيليوس لم يمت معزولا . وبحسب العديد من المؤرخين الكنسيين ، انضم اليه ليس اقل من اثني عشر شهيدا ( خمسة منهم مصريون ، وستة اخرون من بلدان اخرى من انحاء الشرق الاوسط ) . مات على يد فرميليانوس وجنده في ذلك اليوم . 
            قضى القديس الشهيد في 16 شباط  سنة 309 م بينما كان يخدم  كاهنا في الكنيسة المقدسة  في قيصرية . اما معاوناه في الخدمة : القديس فالانس ، والقديس بولس ، فقد فازا باكليل الشهادة في ذلك الاضطهاد الرهيب . وكسيدهما ، قطعت هامتهما . الى ذلك ، فالمحرر العظيم الخادم الشاب بورفيريوس ، في الثامنة عشر من عمره ، احرق حيا لمجرد انه طلب ان يدفن جثامين الشهداء الثلاثة . وشاهد اخر على هذه الاعدامات هو جندي سابق يدعى سلوقوس ، هو بدوره اعدم عندما حاول ان يريح المحكومين بالموت . الى ذلك ايضا فان ثيوذولس ، شيخا جليلا ، نادى بالانجيل سرا ، تأثر جدا من جراء هذا المصير الرهيب الذي لحق بالشهداء، فقام وانكب عليهم وقبّلهم ، فنال جزاءه الصلب على ما فعل .
            كانت المذبحة رهيبة في فلسطين في ذلك اليوم ، ولكن الامر لم ينته بعد . عندما ركع شاب من كبادوكيا ( تركيا حاليا ) كي يسجد امام جثامين الشهداء الراقدين ، القي القبض عليه واحرق على التو حيا. الى ذلك فان خمسة اخوةمصريينجرى القاء القبض عليهم ايضا وهم في منزلهم لكونهم كانوا يبشرون بالمسيحية ، ونقلوا الى قيصرية حيث اعدموا على الفور مع الشهيد بمفيليوس والمستشهدين معه من رفاقه .
بعد ذلك ، لم يدفن احد من الشهداء الاثني عشر ، بل طرحوا عراة على الارضطيلة اربعة ايام . ولكن على نحو عجائبي ، فالحيوانات التي تلتهم في العادة الاجساد الميتة ، لم تلمس بقاياهم ، والذين قضوا حبا بالانجيل المقدس ، وبيسوع المسيح ، ظلوا في هيئة كاملة دون ان يمسوا .
            انذهل الوثنيون من هذه الاعجوبة ، وفي النهاية سمحوا بدفن جثامين الشهداء .
            ان حياة القديس الشهيد بمفيليوس تعلمنا الكثير عن عطية التواضع . انه عالم عظيم ومحرر كبير . لقد فهم بمفيليوس انه مطالب بدفع اعظم الاثمان حبا بايمانه ، وانه سوف لن يعرف رحمة وشفقة من جلاديه بسبب علمه العظيم وسمعته الواسعة كمفكر .
            توجه الى حتفه بصلاة راح يتمتمها على شفتيه رافعا اياها الى الله القدير فقد اعتبر نفسه محظوظا بأن يذبح كالغنم ، فقط لأن موته سيزيد من ضياء مجد الله .
 طروبارية باللحن الرابع :
 " شهداؤك يارب بجهادهم ، نالوا منك الاكاليل غير البالية يا الهنا ، لأنهم احرزوا قوتك فحطموا المغتصبين ، وسحقوا بأس الشياطين التي لا قوة لها . فبتوسلاتهم ايها المسيح الاله خلص نفوسنا . "
 قنداق باللحن الرابع
 "ان مجاهدي الرب الشجعان كابدوا العقوبات المخوفة المعدة لهم ، بعزم غير جبان ، وهم فرحون متهاونون بأجسادهم ، لأجل ذلك ورثوا المجد السرمدي متشفعين على الدوام من اجلنا نحن المادحين جهاداتهم . "