Friday, January 6, 2012

 المكرم ابينا البار جرجس الخوزيبي

8 كانون الثاني
المكرم جرجس الخوزيبي ، هو من قبرص . غادر قريته بعد وفاة والديه لينضوي في دير في فلسطين بعد ان استأذن عمه الوصي . وفي هذا الدير الشهير ، دير خوزيب الواقع بين اورشليم واريحا ، ادهش الشاب المتأمل اخوته الرهبان بحماسته وغيرته وعزيمته في التخلي عن كل اسباب الراحة والملذات طمعا في مجد الهي اعظم .
وجرجس المكرم الذي سيصبح في يوم من الايام رئيس على الدير نفسه وضع نصب عينيه نموذجا لنكران الذات ، فكان يقضي السهرانات واقفا ، ويقضي اياما عديدة بدون طعام . وبنتيجة ذلك خارت قواه ، الا انه اصبح اشد بأسا مع الايام . الى ذلك اصبح اكثر بشاشة وحبورا لأن جهاداته ازدادت . وبحسب اباء الكنيسة ، كان القديس جرجس لتناقض عظيم واجههه نساك ورهبان كثيرون في تاريخ الكنيسة . فكلما كان هؤلاء القديسون يقسون على انفسهم لجهة الملذات الارضية ، كلما كانوا يصبحون اكثر قناعة واكثر رضا 
كان للقديس جرجس ابن والدين ورعين ،واخ اكبر يدعى هيراكليديس سافر الى الارض المقدسة وقد الهم اخاه ان يفعل الشيء عينه . وبعد موت والديه فان الشاب الشديد الحماسة والغيرة رفض فكرة عمه الوصي بالزواج ، وبدلا من ذلك ، غادر قبرص الى الابد ورحل الى الارض المقدسة . وهناك انضم الى اخيه في دير كالامون في فلسطين .
وفي النهاية فان جرجس الرصين وجد نفسه يعيش راهبا في خوزيب . وهذا الراهب كان متواضعا طيب المعشر ، اطاع كل قانون بدون تأفف ، وقد احتمل الكثير من مربيه . وفي احدى المناسبات بينما كان الاثنان يعملان في البستان في خراج الدير، نفذ صبر الاخ الاكبر ، فقام وصفعه على وجهه .

وما تلى ذلك ، كان مشهدا رهيبا ،فقد يبست يد الاخ الاكبر ولم تعد ذات نفع . ففزع من العدل الالهي ، فقام واعتذر للقديس جرجس وطلب منه السماح فما كان من القديس جرجس الا ان قبل ، وسامحه على الفور ، وركع الاثنان امام بعضهما في الصلاة ، فعادت ذراع الاخ الاكبر الى عافيته وحركته . بالنسبة للراهب المتواضع الذي من قبرص ، كانت حادثة الذراع واحدة من سلسلة طويلة من العجائب التي تدافع عن سيرته المتشددة وحياته في التقوى . وفي يوم مهم اخر ، قام الراهب الشاب وفتح ابواب الدير ، فوجد امامه اسدا يربض عند المدخل . فكانت ردة فعله مذهلة : بدل ان يصرخ هلعا ، دفع بالاسد جانبا وتابع طريقه . ولئن كانت قصة هذا الرجل الذي لا يهاب الاسود قد انتشرت في كل مكان ، الا ان القديس جرجس لم يجد في الامر ما يدعو الى العجب . كان ايمانه عظيما ، فهو كان على يقين من ان الله سيحميه من الاسد ، فلم يكترث البتة .
كان القديس جرجس يلبس المسوح الى الكنيسة ، ويأكل ما يفضل عن الاخوة الرهبان ، ويقضي الليالي في قلايته في الايام الممطرة والباردة . وقد اجترح عددا من المعجزات . احداها عندما وضع احد جيران الدير في البرية طفلا ميتا في سلة للثمار عند بوابة الدير ورحل . تجاوب القديس جرجس مع الحدث بتواضع ، فصلى الى الله ان يحفظه ويحميه من الكبرياء اذا هو اعاد الحياة للطفل . ثم تضرع الى الله ان يتدخل في الامر ، فلم يندهش عندما راح الصبي يتحرك داخل السلة .
وعندما رقد في شيخوخة متقدمة بعيد الاجتياح الفارسي لفلسطين سنة 614 ب م اعتبرته فلسطين كلها ابا روحيا عظيما في الكنيسة المقدسة . وفي نهاية حياته الارضية ساعد القديس جرجس في تأسيس نموذج لنكران الذات والتواضع في خدمة الله القدير ، وهو نفسه كان يخدم القدير بكل ارادته كرئيس على دير خوزيب .
ان حياة القديس جرجس الخوزيبي توضح حقيقة قوية مفادها ان نكران الذات من اجل مجد اللهمن شأنه ان يجعل الراهب شكورا ووقورا وغير محروم اي شيء . حتى ان الذين ينكرون ذواتهم من اجل الله سؤعان ما يجدون اعظم سعادة يمكن لأنسان ان يذوقها .
لقد خيّط البسط كي يعد ثيابه . وكانت وجباته تقتصر على ما يتبقى في مطبخ الدير . وعاش على نحو جعل بعض مؤرخي الكنيسة يعتقدون انه النمط الاكثر شظفا لراهب ينتمي الى الكنيسة المقدسة .