30 تشرين الثاني
حيثما انتقل ، كانت الكنائس تتحلق حوله . وقد حدث في ثراسيا ، في مكدونيا ، في القرم ، وعلى طول نهر الدانوب ، وحتى في روسيا البعيدة ، انه جاء بمهتدين جدد الى المسيح . ووقف ذات يوم على قمة من التلال الشاهقة ( حيث ستشيد مدينة كييف العظيمة بعد قرون ، ورفع عينيه نحو الافق ، وقال : اترون هذه التلال ؟ فوق هذه التلال ستسطع بركات الله ، وتقوم مدينة عظيمة ، ويؤسس الله كنائس
كان اندراوس بانيا عظيما للكنائس ، ولكن هذا ليس بقوته . الرسول اندراوس المدعو اولا ، كان يؤمن ان كل انجاز هو من قدرة الله القدوس . الم يفعل السابق المغبوط ، القديس يوحنا الصابغ الامر نفسه في اللحظة التي امسك فيها بأندراوس من ذراعه في ذلك اليوم العظيم ، في الجليل ، ثم اشار الى يسوع بينما كان يصرخ من اعماق قلبه : " ها حمل الله الرافع خطايا العالم " ( يوحنا 1 : 29 – 36 ) ؟
ولد القديس اندراوس في بيت حسدا الجليل ، وكان ابن يونا وشقيق الرسول العظيم بطرس الذي سوف يعينه على الاهتداء الى انجيل الفادي القدوس . واسوة بأخيه بطرس الذي عزم ان يوطد المسيحية في عاصمة العالم العظيمة روما ، وان يستشهد من اجل الانجيل هناك . كان اندراوس صيادا متواضعا يسعى الى رزقه في مياه فلسطين القديمة .
كانت حياة بسيطة ، الا ان اندراوس احب ان يكون صيادا ... الى حين اللحظة الدراماتية ، عندما نادى السابق في اذنه في سوق بيت حسدا : " انظروا ، من يقدر ان يقاوم مثل هذه النداءات ؟ حتى تلك اللحظة ، كان القديس اندراوس تلميذا لالقديس يوحنا . ولكن بعد ذلك ، كل شيء تغير . بلمح البصر ، المدعو اولا ، انجذب الى مصيره كأب مبشر سوف يقتاده عمله البشارى الى بلدان مختلفة .... الى حين ساعته الاخيرة ، حيث انبسط جسده على شجرة وقيّد اليها في مدينة باترا اليونانية البعيدة .
كرز في بيزنطية اولا . انه شخصية شغوفة انشغل ان يخبر العالم عن البشرى السارة بيسوع المسيح . وبينما توقف عن عمله كي يعيّن القديس ستاخيس كأول اسقف على بيزنطية – وهي مسحة توطدت في خط طويل لأكثر من 270 بطريركا ارثوذكسيا قديسا حتى يومنا هذا . القديس اندراوس كان يشدد على الرجاء الجديد العظيم الذي جاء به الفادي القدوس الى العالم : " اتيت كي اسامح الخطأة ! "
ومن بيزنطية حمل القديس اندراوس البشرى كسيف ناري الى بلدان عدة حول البحر الاسود ، ومن ثم الى البليبونيز والبر اليوناني حيث سيهدي كثيرين في طريقه ويشرطن كهنة ويعين اساقفة ويشيد مبان جديدة ، وكنائس ، في كل مكان .
وفي مدينة باترا ، حيث اجترح عجائب كثيرة ، حظي هذا الرجل القديس بنجاحات باهرة ، فأدخل الى الايمان الاخ ستراتوكليز ، والزوجة مكسيميللا زوجة القنصل اجياتوس . الا ان هذا الانتصار من اجل الانجيل سيكون مكلفا جدا ، سيما بعد ان استشاط الوالي غضبا بسبب هذه الاهتداءات الى الايمان التي كانت تحصل مع افراد عائلته !
فأمر الحاكم بتعذيب القديس ، ثم قيده الى صليب على شكل حرف X . والجدير ذكره ان الحرف المذكور هو الحرف الاول من كلمة المسيح في اليونانية .
وبعد ان قيّد الى الصليب ، رأسا على عقب ، ، وكان يتألم طوال يومين كاملين ، ظل القديس الشجاع يرفض الخضوع او اليأس . وبدلا من ذلك ، تابع الكرازة والتبشير للذين كانوا يقفون بجواره ، مقدما لهم سلام المسيح وتعزيته . وكان يتوقف بين الحين والاخر ، ليصلي الى الله القدير من اجل الذين يعذبونه ، الذين صعقوا لدى رؤيتهم نورا ساطعا لمدة نصف ساعة ، فوق هامة الشهيد المحتضر .
ففزعوا وخافوا . اما الواقفون بجوار صليبه ، فطلبوا منه ان ينزلوه عن الصليب ، الا انه ابى ذلك بكل شجاعة . الا ان بعض الجند تجاهلوا تمنياته ، فاندفعوا الى الصليب كي ينزلوه عنه ، الا انهم تراجعوا مذهولين عندما اكتشفوا بغتة ان ايديهم قد شلّت . ترى ما ذا يمكن ان يكون معنى كل هذا ؟ هل حكموا بالموت على انسان بريء ؟
وبعد دقائق خارت قوى القديس ، فصرخ احد الحاضرين من الاوثان قائلا : "لقد رحل . الرجل المسيحي مات . "
فتألمت مكسيميلا زوجة القنصل جدا ، بدون اية تعزية ورتبت مراسيم دفنه .
رقد القديس اندراوس المدعو اولا سنة 62 . وبعد سنوات عديدة نقلت رفاته الى القسطنطينية ن على ان روما وموسكو احتفظتا ببعض اجزائه .
وفي اسفاره الكثيرة ، فان هذا القديس الذي لم يعرف الراحة ، كرز بين الفلسطينيين ،اليونانيين ن الاتراك ، والسلاف .و بين العديد من الكنائس التي اسسها هناك كنيسة صغيرة في قرية بيزنطية سوف تعرف في يوم من الايام باسم القسطنطينية .
وكما ان المدعو اولا بين الرسل الاثني عشر ، دعي للانضمام الى ابن الله في كرازته على الارض ، فقد كان له مكانة خاصة في قلوب المسيحيين في كل مكان . انه صياد بسيط لم يتزوج ، مبشر ، لطيف ووديع ، وقد اثبت انه قادر على اجتراح التحديات العظيمة ، فقد هدى الى الايمان الافا من الوثنيين في المنطقة الواقعة بين نهر الدانوب في الغرب ، والقرى السلافية في السهول الواسعة من روسيا .
ان حياة القديس اندراوس المدعو اولا تظهر لنا ان كل الامور ممكنة لدى الله ، شريطة ان لا نكف عن الصلاة من اجل النعمة المطلوبة لانجاز المهام المتوخاة والموضوعة لكل واحد منا ، من لدن الرب يسوع المسيح !
ابوليتيكيون : باللحن الرابع
"بما انك في الرسل مدعو اولا ، وللهامة اخا ، ابتهل يا اندراوس الى سيد الكل ، ان يهب السلامة للمسكونة ، ولنفوسنا الرحمة العظمى . "
القنداق : باللحن الثاني :
"لنمدح الملقب بالشجاعة ، اللاهج بالالهيات ، والمدعو اولا في تلاميذ المخلص ، اخا بطرس ، لأنه كما هتف نحوه قديما ، هكذا الان يهتف نحونا قائلا : هلموا فقد وجدنا المشوق اليه . "