نياح السيدة العذراء
ان ما تسلّمته الكنسية من الأخبار المتداولة من الآباء من قديم الزمان عن نياح والدة الاله هو ما يأتي:
لما حان الزمان الذي سرّ فيه مخلصنا أن ينقل اليه والدته , أرسل اليها ملاكا قبل ذلك بثلاثة أيام ليخبرها بقرب انتقالها من هذه الحياة الزائلة الى الحياة الأبدية المغبوطة, فلما سمعت العذراء بذلك صعدت بسرعة الى جبل الزيتون الذي كانت تذهب اليه كثيرا للصلاة, وأدّت الشكر لله ثم عادت مسرعة الى بيتها. وأخذت تهيّئ ما يقتضي للدفن , وفيما هي على هذه الحال , اختطفت الرسل سحب من أقاصي الأرض كلاّ منهم من حيث كان يكرز بالبشارة, وأحضرتهم في وهلة واحدة الى بيت والدة الاله , فأخبرتهم بسبب جمعهم بغتة وعزّتهم بمثابة أم عن الحزن الذي اعتراهم لا محالة, ثم رفعت يديها الى السماء وتضرعت من أجل سلامة العالم, وباركت الرسل وأخيرا اضطجعت على سريرها وجعلت جسدها على الهيئة التي
شاءت , وهكذا أسلمت روحها الفائق القداسة في يدي ابنها والهها ابنة ستين سنة من عمرها.
أما الرسل فرفعوا السرير الذي كان عليه جسدها القابل الاله بورع عظيم ومصابيح كثيرة مرتلين تسابيح تجنيزيّة , وحملوه الى القبر وقد كانت الملائكة اذ ذاك ترتّل معهم من السماء مشيّعين من هي أعلى من الشاروبيم. واذ تجاسر أحد اليهود حسدا أن يمد يديه على ذلك السرير بوقاحة , ناله في الحال من لدن القضاء الالهي ما كانت تستحق وقاحته من القصاص فقد قطعت يداه الجريئتان بضربة لم تر , اللتان بقيتا معلّقتين على السرير.
وكان ذلك منظرا مريعا ومحزنا أما المصاب فكان يبكي بمراره , أما بطرس فاقتداء بمعلّمه تحنن عليه واقترب منه وقال له آمن من كل قلبك بأن هذه هي بالحقيقة أم ابن الله , الذي ولد من هذه الدائمة البتولية من دون زرع. حينئذ تدرك قوتّها فتعود اليك يداك أما هو فصرخ بدموع قائلا: أومن يا سيدتي وأعترف أنّك حقا وبدون فساد ولدت سيّدي ومخلّصي يسوع المسيح ابن الله الآب الحقيقي. حينئذ قدّمه بطرس الشريف نحو اليدين المقطوعتين , وأدناهما بمحلّهما (فيا للعجب) فالتصقتا بنوع يفوق الطبيعة كما كانتا قبلا.
فالجميع مجّد الله والسيدة الفائقة الطهارة.
أما الرسل الأطهار لما وصلوا الى الضّيعة التي تدعى الجسمانية دفنوا هناك ذلك الجسد الفائق الطهارة ينبوع الحياة بوقار عظيم. وفي اليوم الثالث لدفنه اجتمعوا لتعزية بعضهم بعضا , وفيما رفعوا جزء الرب يسوع المسيح من الخبز كعادتهم , ظهرت والدة الاله في الهواء بعجب عظيم ومعجز بجسمها الطاهر ملتحفة بسحابة بهجة وملئكة منيرين ظهروا محيطين بها في الجو قائلة: السلام لكم افرحوا لأني معكم كل الأيام. فانذهل التلاميذ وعلّوا الصراخ قائلين: عوض أيها الرب يسوع المسيح أعنا... يا والدة الاله الكلية القداسة أعينينا.ثم تقدموا الى القبر واذ لم يجدوا جسدها الكلي قدسه , تيقّنوا حقيقة أنها قامت من بين الأموات حيّة بجسدها بعد ثلاثة أيام نظير ابنها , وانتقلت ذاهبة الى السموات متملّكة مع المسيح الى دهر الداهرين آمين*
الشبكة الأرثوذكسية العربية الأنطاكية