Wednesday, May 12, 2010

 تذكار المجمع المسكوني الأول
وعظة الأحد
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.
في هذا النهار المبارك، تُعيد كنيستنا المقدسة لتذكار المجمع المسكوني الأول، الذي أنعقد في مدينة نيقية، والذي به صار تأكيدٌ وتثبيتٌ للعقيدة المسيحية بعيداً عن الانقسام، وعن البدع والهرطقات إنجيل اليوم يُطالعنا فيه يوحنا الرسول بأن يسوع وقف ورفع عينيه إلى السماء مصلياً، وقال: "يا أبتي"، وكأنه بهذا يرشدنا إلى الطريق الذي من خلاله على كل واحدٍ منا أن يصلي، ويرفع عينيه إلى السماء. رفع العينين إلى السماء يعني أننا لا نرى إلا أياك أيها الإله الآب، يعني أنك أنت الوحيد الذي تستقطب أنظار عيوننا، أنك أنت الذي إليك نهتدي، ومنك نأخذ التعاليم والقيم.
رفع يسوع عينيه إلى السماء في مرحلةٍ كان قد أنهى بها رسالته في تأسيس الجماعة المسيحية، وكان أيضاً وقتٌ قد اقترب من خلاله "ليساق إلى الذبح" (أش7:53)، كما يقول أشعياء النبي.
يسوع في هذه المرحلة يؤكد بأنه قد هيأ تلاميذ وأتباع مؤمنين بالله يحملون اسم يسوع، كما يسوع يحمل اسم الله الآب. أتباعٌ قد وصلوا إلى المعرفة الإلهية التي بها يحيون حياتهم، والآن كل مسيحي فينا هو من أتباع المسيح الذين حملوا اسمه لكي يحيوا كما عاش، وأيضاً حسب تعاليمه التي أعطانا إياها لتكون دستوراً لحياتنا.
التأكيد في إنجيل يوحنا بما سمعناه اليوم هو أن يسوع قد طلب من الله الآب أن يحفظ هذه الجماعة المسيحية لتكون واحداً، ليكون الجميع فيها واحداً بقوله لله الآب: "أحفظهم باسمك ليكونوا واحداً كما نحن واحد". أي أن الصورة الثالوثية للآب والابن الروح القدس، التي بها الوحدة الحقيقية، وحدة التلاقي بالحب، وحدة التلاقي بالمبدأ التي على كافة المسيحيين أن يتمسكوا بها. لا يوجد عند المسيح مبدأين، ولا كنيستين، إنما كنيسة واحدة، كما يقول دستور الإيمان، إيمانٌ واحدٌ به نلتقي مع ربنا، به نلتقي مع الثالوث الأقدس، كل هذا من أجل أن يُعاش بالصورة الحقيقية الصحيحة.
فإذا كان ذكرى المجمع المسكوني قد استدعى أن نطالع الإنجيل الذي سمعناه اليوم لهذه المناسبة يعني أنه هناك بدع وهرطقات صارت في الكنيسة، فأصبحت الكنيسة برمتها مدعوة لتقول كلمة الحق، الكلمة التي تجمع المؤمنين في وحدة الإيمان. هذه الذكرى يناسبها القول الذي قلناه قبل قليل "ليكونوا واحداً"، يسوع لا يريد الكنيسة التي هي في العالم أجمع أن تكون متفرقة، ومقسمة ومجزأة، إنما يريدها أن تكون كنيسة واحدة، تلك الكنيسة الواحدة التي أسسها الله الآب بشخص ابنه يسوع، والتي نحن أعضاء فيها علينا أن نحافظ على وحدة الإيمان فيها حتى نبقى أوفياء لكلمة المسيح طالبين منه دائماً وأبداً أن يحفظنا باسمه القدوس وأن تكون أفئدتنا متوجهة متطلعة إلى الله الآب بصورةٍ صحيحة، لا بشفاهٍ فقط، في حين أن القلوب عنها بعيدة.
إنها ذكرى مهمة علينا أن نتمسك بمضمون الإنجيل هذا ليكون تقويماً لعقيدتنا ودستوراً لحياتنا، ونعمته فلتصحبنا الآن ودائماً.