مديح لصليب المسيح
لافرام السرياني
لقد جاءت الحماية الشرعية وازهر الحق كما نسمع من رسول المسيح: " قد مضى القديم وها أن كل شيء قد تجدد " (كورنثوس الأولى17:5) الموت خسر غنيمته، الأسرى اعتقوا من الجحيم، انسحق تعدد الآلهة، انعتق الإنسان، ساد الصليب الذي تسجد له الأمم كلها. الألسن والعالم كله تمجد مع الرسول قائلة: " أما أنا فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح " (غلاطية14:6).
لذلك نرسم شارة الصليب المحيي على الجباه والعيون والأفواه والأنامل متسلحين بغالب الموت. الصليب سلاح المسيحي الذي لا يقهر. الصليب رجاء الإيمان، نور الوداعة، فاتح أبواب الفردوس، ركن
الأرثوذكسية، فخر الكنيسة الخلاصي. فيجب أن نلازمه دائماً ولا نتركه دقيقة واحدة ولا نباشر عملاً من دونه في رقادنا ويقظتنا، إن اشتغلنا أو أكلنا أو شربنا، إن سافرنا براً أو بحراً أو نهراً، فلنزين أعضاء أجسادنا كلها باشارة الصليب حتى لا نخشى هول الليل ولا من سهم يطير في النهار ولا من سهم يسري في الدجى ولا من غائلة تفسد في الظهيرة " (مز5:90و6) فإذا استعنت أيها المسيحي بالصليب لا يطرأ عليك شر ولا ينال جسدك جرح، لأن القوات الشريرة ترتعد وتهرب من الصليب.
لقد أبطل الصليب عبادة الأوثان الكاذبة. أنار المسكونة، جمع الأمم في كنيسة واحدة وربطها بالمحبة. الصليب قيامة الأموات، ورجاء البائس، وربان السفينة، وميناء المعرضين للعواصف، وأبو اليتامى، وتعزية الحزانى، وحارس الأطفال، ومجد الرجال، وأكليل الشيوخ، ونور الجالسين في الظلام، ومحرر للعبيد، وحكمة للجاهلين. الصليب كرازة الأنبياء ودليل الرسل وعفاف العذارى وسرور الكهنة. الصليب أساس الكنيسة وثبات المسكونة. الصليب مدمر هياكل عبدة الأوثان، وعثرة اليهود. الصليب قوة الضعفاء، وطبيب المرضى، ومطهر البرص، ومنهض المخلعين. الصليب خبز الجياع، وينبوع العطشى.
إن السيد المسيح قد نقض جوف الجحيم، وسد أفواه الشياطين بالسلاح المقدس، بالصليب. فالموت ارتعش إذ رأى الصليب وأطلق جميع الذين استولى عليهم منذ الخليقة. لما تسلح الرسل بالصليب غلبوا قوة الأعداء واصطادوا بشباكهم الأمم، وحملوهم على السجود للمصلوب. ولما تدرع شهداء المسيح بالصليب تحملوا الإضطهادات على أنواعها وكرزوا بشجاعة باسم الحامل الصليب الإلهي، وحملوا صليبهم من أجل المسيح ورفضوا الأشياء العالمية كلها، وسكنوا البراري والجبال والمغاور، وثقوب الأرض. فأي لسان يستحق أن يمجد الصليب حصن الأرثوذكسية الذي لا يغلب وسلاح الملك السماوي الذي لا يقهر. فما أعظم المواهب الإلهية للجنس البشري ! فالمجد والشرف والسجود لمحبته للبشر التي لا تقدر الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين