القديس أفتيميوس الكبير
ولد أفتيميوس قرابة العام ٣٧٧ م في ملاطية الأرمنية. اسم أبيه بولس واسم أمه ديونيسيا. كلاهما كان بارزاً وفاضلاً. لكنهما أقاما مكتئبين سنوات لأنهما كانا من دون ذرية. وإذ اعتادا التردد على كنيسة القديس بوليفاكتوس الملاطي دأبا على الابتهال إلى الله أن يمن عليهما بثمرة البطن ويسكِّن لوعتهما. فُقبلت طلبتهما وأنعم عليهما الرب الإله بمولود ذكر أسمياه أفتيميوس أي المسرة. هذا نذراه لله من قبل أن يولد. فلما بلغ الثالثة رقد أبوه وقدمته أمه للكنيسة نظير حنة أم صموئيل واقتبلت هي الشموسية.
المقدس وأخبار القديسين. أحب أفتيميوس الهدوء والتردد على كنيسة القديس بوليفاكتوس. فيها اعتاد قضاء سحابة أيامه كّلما وجد إلى ذلك سبيلاً. وكان يترك المدينة مرة في السنة، بعد الظهور الإلهي، ليعتزل في بعض الجبال في البرية إلى عيد الشعانين.
خرج سراً إلى أورشليم وهو في التاسعة والعشرين. وجاء إلى منطقة فارا فأقام بقرب عين الماء وأشجار النخيل في هدوء.. هناك تعرف إلى ناسك في الجوار هو القديس البار ثيوكتيستوس الذي أضحى وإياه كنفس واحدة.
وبعد ٥ سنوات انتقلا إلى مغارة، فأقاما فيها زمناً طويلاً يقتاتان من الأعشاب البرية ولا يباليان بغير الرجاء بالله إلى أن كشف مكانهما راعيان من بيت عنيا. فلما ذاع صيتهما وكثر طلاب الرهبنة عليهما حول أفتيميوس الكهف كنيسة وابتنى فوقها لافرا عهِد بعنايتها إلى ثيوكتيستوس.
في أحد الأيام شفى الرب على يد أفتيميوس ابناً لأحد زعماء البدو فتعجب البدو جداً وآمنوا بالمسيح وطلبوا العماد بيد قديس الله. وتقاطر الناس إلى قديس الله من كل صوب وطلب الكثيرون البرء على يديه. فلما اشتدت وطأتهم غادر موضعه سراً لأنه أحب السكون، ورافقه راهب فاضل يدعى دوميتيانوس. إلا أن أفتيميوس عاد بعد حين إلى الكهف والى رهبان اللافرا، لكنه أقام على بعد ثلاثة أميال منهم وصار يتردد عليهم بانتظام. ونقل كيرياكوس الناسك الذي رافق القديس وعرف صرامة عيشه أنه لم يره مرة يأكل أو يتلّفظ بكلمة واحدة، خمسة أيام في الأسبوع، إلا عند الضرورة القصوى، ولا اعتاد النوم ممدداً بل جالساً أو معّلقاً بحبل في زاوية.
كانت للقديس دالة عند الله فقد عرف وخبر الأخوة عن خروجه العتيد إلى ربه وبعد أن احتفل الجميع بسهرانية عيد القديس أنطونيوس الكبير ودع الجميع في الصباح بخطبة أبوية ثم صرف الجميع ما عدا دوميانوس الذي بقي معه ثلاثة أيام. ثم في مساء السبت، كما سبق فخبر، رقد في سلام بالرب ممتلئاً أياماً، ستة وتسعين عاماً. كان ذلك في ٢٠ ك ٢ من السنة ٤٧٣ م.