"في البدء كان الكلمة...والكلمة كان الله...والكلمة صار بشرًا، وسكن بيننا...فرأيْنا مجده" (يو 1: 1-14). فهذا الذي "سمعناه (بآذاننا)، ورأيْناه (بعيوننا)، وتأملناه (بأذهاننا وقلوبنا)،
ولمسناه بأيدينا" (1 يو 1: 1)، هذا الذي "بذل نفسه لأجلنا، ليفتدينا من كل إثم...فتجلّى بظهوره لطفُ الله مخلصنا ومحبته للبشر، فخلَّصَنا، لا لأعمالِ بِرٍّ عملناها، بل بحسب رحمته" (تي 2: 14 ؛ 3: 4-5)، هذا الإله الآتي الينا "في الجسد" (رو 9: 5)، هو محور عيد الميلاد، ومرتكز السرّ الخلاصي العظيم، الذي تحتفل به الكنيسة في عيد الميلاد، وتمثّله لنا إيقونة الميلاد، تجسيدا مكثّفا لإيمانِ المسيحيين وتأملهم وتقواهم.
***
الإيقونات البيزنطية للميلاد أكثر من أن تحصى. ولكنها، مهما تنوعت فيها التفاصيل، فهي جميعا تلتقي على عناصر ثابتة مشتركة، تبرزها ريشة الرسام بتمايز، وفقًا لعبقرية الأشخاص في كل زمان ومكان. أما نحن فقد اخترنا لدراستنا إيقونة روسية "عصرية"، تميّزَ صاحبُها جوفانّي مِتزاليرا، الإيطالي المولد والجنسية، بحبّه الشديد للحفاظ على روح التقليد الإيقونوغرافي الأصيل، في كلا فرعيه البيزنطي والروسي، الذي يمثّل وجهًا من أجمل وجوه التعبير في الفن الديني المسيحي. وهذه الإيقونة هي واحدة من مجموعة إيقونات للرسام نفسه، تصدرت المعرض الخاص الذي أقيم عام 1988 في رومة، في ألفيّةِ تنَصُّر روسيا.