الطاعة
المطران جورج خضر
جريدة النهار اللبنانية
المسلَّم به في الكتب المقدّسة ان الطاعة لله لأنه المؤمن أي الذي يؤمنك من شرك وتأمنه لصلاحه. ان تتمرد عليه ناتج من عبادتك لنفسك. الطاعة هي اذًا الايمان به وبقدرته ومحبته. أنا لا تعجبني الدعوة الى الثقة بالنفس لالتباسها. المؤمن لا يتكل على ذاته مطلقا لكنه يتّكل على ايمانه أي على معرفته ان الله ساكن فيه ويمدّه بقوّة من فوق. انت تصحح فكرك بالفكر الإلهي اذ لست محصّنا بالعصمة. وما من عصمة طالعة من البشرة، المتقلبة والضعيفة، الهشّة. أنا في المسيحيّة انتمي الى المذهب القائل ان ليس من انسان مصون بوعد إلهي قبل ان يتكلّم. وهذا المذهب يقول ان مجمع الأساقفة لا نطلق عليه وشاح العصمة قبل كلامه على الشأن الإلهي ولكن اذا لاحظنا انه وافق الإيمان الذي "دُفع مرة للقديسين" نعلن حقيقة انكشفت. ما من وليد امرأة يتربّع في الحقيقة تربعا. لذلك جاء في التراث عندنا ان المجمع يؤيّد المجمع السابق ليزداد اقتناعاً بالأخير. نحن نرجو ان يلهم الروح الإلهي من اجتمع رجاء. في أمور الحقيقة انت دائما في حالة جهاد. واذا أعلنت ايمانك بما قيل ففي هذا تعترف ان مصدر ايمانك هو الرب. لذلك اذا تكلّم المسيحيون في المجمع المسكوني الثاني على المجمع المسكوني الأول يقولون فيه اجتمع الآباء القديسون بمعنى ان قداستهم هي التي ضمنت صواب فكرهم.
من هذه الزاوية صحت الكلمة الإسلامية "الاجتهاد" التي أفهمها انها مسعى فكري عند العلماء اذ المفترض انهم الى جانب التحصيل العلمي هم مكلّلون بالبِرّ ولا ينطقون عن هوى.